أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 07/07/2025 01:46 م

الاحتلال يحول سنجل إلى سجن كبير

أثناء تجريف أراضٍ في بلدة سنجل تمهيدا لإقامة جدار شائك (تصوير: وفا)
أثناء تجريف أراضٍ في بلدة سنجل تمهيدا لإقامة جدار شائك (تصوير: وفا)

 

رام الله 7-7-2025 وفا- يامن نوباني

تعيش بلدة سنجل (17) كيلو متراً، شمال مدينة رام الله، حصاراً غير مسبوق، فشمالها بوابة وحاجز عسكري، وشرقها سياج شائك بطول كيلو ونصف كيلو متر تم إنشاؤه مؤخرا، بارتفاع 6 أمتار، مستولياً على 30 دونماً من أراضيها الخصبة والمزروعة.

لم يكتف الاحتلال بإحاطة البلدة بسياج عنصري، بل وضع كباقي المدن والبلدات والقرى، بوابة حديدية مغلقة عند مدخلها الرئيسي –الشرقي-، فيما جنوب البلدة يشهد هجمة استعمارية من مستعمرين يحاولون السيطرة على جبل الباطن وخربة التل الأثرية، عبر إقامة بؤرة استعمارية بحماية قوات الاحتلال.

(47) بيتاً، فصلها الاحتلال عن البلدة، بفعل سياجه الشائك، ومدخل واحد فقط، لتواصلها مع العالم الخارجي، يوجد عنده جنود الاحتلال باستمرار، إضافة إلى بوابة حديدية يغلقونها متى شاءوا.

أدى هذا كله، إلى تأثُر البلدة، اقتصاديا واجتماعيا وزراعيا ونفسياً، واحد من الأمثلة الحية على موت الحياة في سنجل، هو كراج سيارات المواطن: غريب أحمد خليل، الواقع عند مدخلها الرئيسي –الشرقي- والمغلق ببوابة حديدية منذ عام، يقع الكراج خارج البوابة بأمتار قليلة، ويحتاج من هم داخل البوابة، أي داخل البلدة، إلى السير مسافة تتجاوز 10 كيلومترات، ليتمكنوا من إصلاح مركباتهم في الكراج، وهم على بعد أمتار قليلة منه، حيث لا يمكن الالتفاف على شكل حذوة فرس، بعد انتهاء الإصلاح، وتحتاج المركبة إلى الوصول إلى قرية عين سينيا، حتى تتمكن من العودة إلى البلدة.

تنشط بلدية سنجل في الأسابيع الأخيرة في استعادة فيديوهات وصور للبلدة ونشرها، التُقطت قبل شهر نيسان الفائت، قبل أن تسجن بلدة بأكملها بسياج شائك على طولها، وتتغير بفعله خارطة بلدة ومشهدها، لطالما شكلت معلماً فلسطينيا، على الطريق الواصل بين محافظتي رام الله ونابلس.

رئيس بلدية سنجل، معتز طوافشة، قال لـ"وفا": إن "الناس هنا في سنجل، يشعرون أنهم يعيشون في سجن. ونحن بالفعل نعيش في سجن. وجود الجنود الدائم في محيط البلدة وعند مداخلها، نعاني صعوبة في التنقل، وصعوبة في التأقلم والحياة العادية".

وبين، أن هناك 47 عائلة، يقارب عدد أفرادها 203، يعيشون في 47 بيتا، خلف السياج الشائك، 20 بيتا، نزحوا داخلياً، خاصة في ظل اعتداءات المستعمرين على منازل البلدة وأهاليها.

وأضاف طوافشة، وقع تأثير ذلك في اقتصاد البلدة، إذ إن حجم التبادل التجاري مع المحلات التجارية انخفض بشكل كبير، بسبب عدم تمكن سيارات الشحن من الوصول بسهولة إلى البلدة، كما تأثرت عشرات العائلات التي لا تستطيع الوصول إلى أراضيها خلف السياج الشائك، وقرب الشارع الرئيسي، حيث حُرموا منذ عامين من قطاف الزيتون أو زراعة أراضيهم، وهم يعتمدون بشكل كبير على منتجات أرضهم.

وتابع: كما تأثر المرضى في البلدة، خاصة مرضى الكلى، وهم بحاجة إلى تواصل مستمر مع المراكز الطبية والمستشفيات في المدن، وتأثرت جودة التعليم في المدارس الخمس في البلدة، لعدم تمكن كل المعلمين من الوصول إلى البلدة، وتأثر طلبة الجامعات، الذين يعيق إغلاق البلدة وصلوهم إلى جامعاتهم.

بدورها، قالت مسؤولة العلاقات العامة في بلدية سنجل، إيمان فقهاء لـ"وفا"، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حُرم الأهالي من الوصول إلى 8 آلاف دونم من أراضيهم في الجهة الشمالية من البلدة، هذا المنع أدى إلى خسارة أهل البلدة زيتونهم وزيتهم على مدار موسمين.

كما خسرنا استصلاح تلك الأراضي التي تعد بمثابة نصف مساحة سنجل، البالغة (16) ألف دونم، فالاحتلال أغلق منذ كانون الأول 2023، بالسواتر الترابية كل الطرق الترابية والفرعية الواصلة إلى أراضينا في الجهة الشمالية، أضافت فقهاء.

وتابعت: بعد السياج الشائك، أصبحنا نعيش في سنجل نزوحاً داخلياً من البيوت الملاصقة للشارع الرئيسي، هناك عائلة مكونة من 23 فردا، اليوم لم يعد في البيت إلا اثنان منهم، وهما عجوزان، أصرتا على انتقال أشقائهما وأبناءهما إلى داخل البلدة، خوفاً عليهم.

وبينت فقهاء: في الآونة الأخيرة أصدرت سلطات الاحتلال قراراً باستكمال الجدار الشائك في الجهة الشمالية من البلدة، في استكمال لعزلها التام عن محيطها، حيث يشمل القرار الاستيلاء على (9) دونمات من أراضي البلدة، لبناء سياج شائك بطول 1200 متر، بينما يستمر أهالي البلدة في صمودهم وصدهم للهجمة الاستعمارية جنوب البلدة، حيث يستهدف المستعمرون جبل الباطن وخربة التل، وهي أراضي (طابو) ومصنفة (أ)، و(ب)، أزالت البلدة خيمة المستعمرين وعلمهم (وهو علم لحركة استعمارية يمينية)، ووضعوا في مكانه علم فلسطين، قبل أن تقتحم قوات الاحتلال بعد ساعة واحدة فقط المكان وتزيله.

ولفتت، إلى أن سنجل، محاطة بخمس مستعمرات وعدد من البؤر الاستعمارية، ومعسكر لجيش الاحتلال، فيما أضاف الوحش الخرساني المتمثل في السياج الشائك، إحاطة استعمارية تلف البلدة من جوانبها كافة، فلم تعد سنجل التي كانت.

وقالت: "قبل أشهر وطيلة حياتها، كانت الحاجة عديلة عصفور، تستمع بفنجان قهوتها الصباحي، تحت ظل دالية العنب وإطلالة بيتها على الخضراوات والطبيعة اللافتة المحيطة، اليوم تصطدم بسياج شائك وحفريات ومستعمرين وجنود لا يفارقون محيط البيت".

وختمت فقهاء: اليوم نحن لا نقول عدد سكان سنجل، بل نقول نحن أسرى سنجل ما يقارب 7 آلاف نسمة.

يُشار إلى أن بلدة سنجل، قدمت في الشهرين الأخيرين، شهيدين على ترابها، حيث استُشهد المواطن وائل غفري (48 عاماً)، خلال تصديه للمستعمرين الذين أحرقوا غرفاً زراعية وممتلكات المواطنين في الجهة الجنوبية من البلدة في 21 نيسان الفائت، فيما استُشهد الطفل يوسف فؤاد عبد الكريم فقهاء (14 عاما) بعد إطلاق جنود الاحتلال الرصاص عليه، عند المدخل الرئيسي للبلد، وما زال جثمانه محتجزاً لدى الاحتلال.

_

ي.ن/ م.ل

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا