أهم الاخبار
الرئيسية انتهاكات إسرائيلية
تاريخ النشر: 15/05/2025 08:03 م

لانا الشريف.. طفلة فلسطينية شيبتها الإبادة الإسرائيلية


غزة 15-5-2025 وفا- داخل خيمة مهترئة على أطراف أحد مخيمات النزوح بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، تجلس الطفلة لانا الشريف متشبثة بما تبقى من طفولتها بعد 19 شهرا من حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، عاشت خلالها صدمات قاسية وأفقدتها معظم حقوقها.

فلم ينجح القميص الوردي الذي ترتديه الشريف وطبع عليه شخصية "ميكي ماوس" الكرتونية في إضفاء قليل من الفرحة على ملامحها التي بدت مثقلة بالحزن بعدما وُشم جسدها بندوب بيضاء أشبه بمرض "البهاق" وفق تقدير أطباء بغزة.

وعبر مرآة صغيرة، تتأمل الطفلة الشريف شكلها الذي غيرته حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة إذ غزا شعرها "الشيب الأبيض" وهي لم تتجاوز سنواتها العشر بسبب تعرضها للخوف الشديد.

وتقول لوكالة "الأناضول" بصوت يلفه الحزن: "كنت قبل الحرب حلوة"، في إشارة إلى تأثر حالتها النفسية بهذا المرض الذي لم يستجب للعلاج بغزة، معربة عن أملها بالسفر للخارج لاستعادة ملامحها الطفولية، كما أكد لها أطباء حاجتها إلى ذلك.

والأسبوع الماضي، قالت متحدثة منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس، إن أكثر من 10 آلاف و500 مريض في غزة بحاجة لإجلاء طبي عاجل، بينهم 4 آلاف طفل، تحول الإبادة الإسرائيلية المتواصلة دون مغادرتهم من القطاع.

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بما يشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلا كافة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الحرب حتى الآن أكثر من 172 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

إصابة تدريجية

عن إصابتها تقول الطفلة الشريف إن هذه البقع بدأت الظهور تدريجيا على جسدها قبل عام ونصف حينما قصفت طائرات الاحتلال الحربية منزلا مجاورا لبيتها في مدينة رفح جنوب القطاع.

وأضافت أنه بعد يومين من القصف ظهرت على وجهها أول بقعتين بلون أبيض بعدما تعرضت لحالة خوف شديد جراء القصف الإسرائيلي.

وفي وقت لاحق، تعرضت الطفلة الشريف لحالة هلع أخرى تسببت بزيادة البقع البيضاء على جسدها ومن ثم انتشارها في ظل عدم استجابة حالتها للأدوية التي وصفها أطباء.

حالة نفسية

هذه الحرب لم تترك ندوبا على جسد الطفلة ووجهها فحسب بل دفعتها أيضا إلى العيش في خيمة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة وسط ظروف إنسانية متردية.

وهي تجلس داخل الخيمة، تقول الشريف إنها جميلة وتهوى الرسم "فترسم الأشجار والزهور على الورق" رغم الظروف الصعبة التي يمرون بها.

وتهرب الشريف بالرسم من الوضع النفسي الصعب الذي خلفه هذا المرض والبقع البيضاء إذ إنها تتعرض لسخرية من زملائها في الخارج.

وتضيف: "هذه البقع جعلت زملائي في المخيم يسخرون مني، فأصبحت أشعر بالحزن وأبكي كثيرا".

وأعربت عن أملها العودة إلى المنزل وانتهاء حرب الإبادة قريبا فضلا عن شفائها من هذا المرض الذي غيّر ملامحها الجميلة.

وأشارت إلى أمنيتها بالسفر من أجل تلقي العلاج المناسب الذي حرمت منه في غزة جراء تدمير الاحتلال للمستشفيات وإغلاقه للمعابر ومنعه دخول الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية.

مرض "البهاق"

بدوره، يقول خليل الشريف، والد الطفلة، إن هذا المرض بدأ مع لانا جراء إصابتها بالهلع إثر قصف إسرائيلي مجاور لمنزلهم في مدينة رفح قبل عام ونصف.

وأضاف: "بعد يومين من القصف ظهرت بقعتان بيضاء، ومن ثم انتشر المرض".

وأوضح أن الأطباء رجحوا أن تكون هذه البقع ناجمة عن إصابة ابنته بمرض "البهاق"، لكن الأعراض لا تتطابق مع ذلك، دون إشارته لأعراض صحية أخرى.

وذكر أن لانا لم تستجب للأدوية والعلاجات في غزة، لافتا إلى أنها وفق قول الأطباء تعاني "حالة نادرة" تستدعي السفر للعلاج بالخارج.

معاناة مركبة

وعن الوضع الصحي لابنته، يقول الشريف إن لانا تعاني جراء اجتماع عدة عوامل منها وضعها النفسي الصعب جراء إصابتها بهذا المرض يضاف إليه نقص العلاج وتعرضها لسوء تغذية بسبب المجاعة المنتشرة في القطاع.

ويضيف أن لانا بعد أن كانت مليئة بالحياة والحيوية قبل الحرب، أصبحت اليوم طفلة منطوية ترفض الحديث مع الآخرين.

ويشير إلى أنها تتعرض لانتقادات من الآخرين بسبب التغيرات المرضية التي طرأت على شكلها وانتشار الشيب في شعرها.

إلى جانب ذلك، فقد تأثرت الطفلة الشريف بالحياة الصعبة في خيام النزوح إذ باتت تمضي معظم أوقاتها بين طوابير الحصول على مياه أو وجبات طعام مجانية من التكايا، وفق قوله.

وتابع أنها أصبحت تقضي وقتها يوميا بين الحصول على مياه أو طعام تعجز العائلة عن توفيره جراء الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به بسبب تواصل الإبادة الإسرائيلية.

وأكد أن هذه الظروف القاسية مع سوء التغذية الذي تمر به كسائر سكان القطاع يضاعف حالة الهزال التي تعانيها، فضلا عن وضعها النفسي بسبب المرض والحرب.

والاثنين، حذّر تقرير دولي من أن كل الفلسطينيين بقطاع غزة يواجهون خطر مجاعة جماعية، مع توقّع أن يواجه نحو نصف مليون شخص "جوعًا كارثيًا"، وهي المرحلة الخامسة والأشد في تصنيف انعدام الأمن الغذائي.

وأرجع تقرير "التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي" الذي شاركت في إعداده 17 وكالة إنسانية تابعة للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية دولية، ذلك إلى تصاعد الإبادة الجماعية الإسرائيلية، واستمرار إغلاق المعابر ومنع دخول الغذاء والدواء إلى القطاع.

ومنذ الثاني من آذار/ مارس الماضي، أغلق الاحتلال الإسرائيلي معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للمواطنين، وفق ما أكدته تقارير حقوقية ودولية.

وفي السابع من أيار/ مايو الجاري، أعلن رئيس الوزراء محمد مصطفى، قطاع غزة منطقة مجاعة، داعيا المنظومة الأممية بكاملها أن تُفعّل آلياتها فورا، وأن تتعامل مع غزة كمنطقة مجاعة، بما يستتبع ذلك من تدخل دولي عاجل ورفع فوري لكل القيود التي تمنع الإغاثة.

وحمّل رئيس الوزراء، إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، المسؤولية الكاملة عن الكارثة الإنسانية المتعمدة في غزة.

ويعتمد المواطنون في قطاع غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، بشكل كامل على تلك المساعدات بعدما حولتهم الإبادة الجماعية التي يواصل الاحتلال ارتكابها منذ 19 شهرا إلى فقراء، وفق ما أكدته بيانات البنك الدولي.

وتأتي هذه الأزمة الإنسانية في ظل نزوح أكثر من 90% من المواطنين من منازلهم، بعضهم مر بهذه التجربة لأكثر من مرة، حيث يعيشون داخل ملاجئ مكتظة أو في العراء، ما زاد من تفشي الأمراض والأوبئة.

ــــ

ع.ف

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا