القاهرة 23-4-2025 وفا- قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، إنه لم يعد خافياً على أحد في العالم أن إسرائيل تمارس حرب إبادة على سكان غزة فإما الموت قتلاً أو جوعاً، أو ترك الأرض لتصبح نهباً للاستيطان والاحتلال، مشددا على أن صمت العالم عن هذا الوضع المتجرد من الإنسانية هو صمت مخزٍ ومشين.
وأضاف أبو الغيط في كلمته، في أعمال مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب في دورته العادية الـ163، برئاسة وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، إن هذه الحرب الوحشية على المدنيين تتواصل يومياً بالقصف والقتل وهدم المنازل وبالحصار والتجويع ومنع إدخال المساعدات، بعد هدنة استمرت ما يقرب من شهرين شهدت تبادلاً للأسرى وعودة للرهائن، وتخفيفاً للوضع الإنساني المستحيل في غزة، حيث عادت إسرائيل لتستأنف حرب الإبادة في 18 مارس الماضي، ويقترب عدد الشهداء الفلسطينيين الذين قضوا على يد الاحتلال منذ هذا التاريخ من الألفين، فضلاً عن إغلاق القطاع بالكامل أمام المساعدات والمواد الغذائية والصحية على نحو أدخل القطاع وسكانه في وضع هو الأسوأ والأشد وطأة على الإطلاق منذ أكتوبر 2023.
وأوضح الأمين العام أنه لم يعد هناك شك في أن التطهير العرقي هو هدف هذه الحرب، وللأسف ساعد طرح سيناريو التهجير على إعطاء دفعة غير مسبوقة لخطط اليمين الإسرائيلي الأشد تطرفاً وقسوة، لإعادة احتلال أجزاء من القطاع وفرض حصار كلي عليه، وفرض واقع من القتل اليومي على الفلسطينيين، ودفع العالم كله لتقبل هذا الوضع باعتباره أمراً طبيعياً، متطرقا إلى مواقف البابا الراحل "فرنسيس" الذي فارق عالمنا قبل ثلاثة أيام، والذي كان صوتا فريدا للإنسانية والضمير في زمن اختار فيه الكثيرون أن يعطوا ظهورهم لهذه القيم، وظل حتى اللحظة الأخيرة وقبل وفاته بساعات منحازاً إلى الحق والإنسانية، مطالباً بوقف إطلاق النار وتقديم المساعدة لشعب غزة الذي "يتضور جوعاً ويتوق شوقاً إلى مستقبل يسوده السلام".. كما قال بنص كلماته في عظته الأخيرة.
وقال، لقد عبَّر الجانب العربي عن موقفه الواضح الداعي إلى وقف حرب التطهير العرقي فوراً، ورفض سيناريو التهجير غير الواقعي وغير القانوني، وقدم طرحاً بديلاً في قمة القاهرة في مارس الماضي، طرحاً واقعياً وعملياً وقابلاً للتطبيق للتعافي المبكر وإعادة الإعمار وإدارة القطاع على نحو يتجنب اندلاع مواجهات في المستقبل، ويمهد الطريق لتجسيد حل الدولتين الذي لا نرى بديلاً عنه كسبيل للاستقرار والسلام في المنطقة، ونتطلع جميعاً إلى دعم أصدقائنا وأصدقاء السلام عبر العالم من أجل إنقاذ هذه الرؤية وهذا الحل من مخططات اليمين المتطرف ذي النزعات التوسعية في إسرائيل، ونتطلع إلى المؤتمر الذي يُعقد في يونيو المقبل في رحاب الأمم المتحدة وبرئاسة سعودية فرنسية مشتركة، ليمثل نقلة نوعية في التعامل مع حل الدولتين على نحو يدفع به من مجال التأييد الخطابي إلى التطبيق العملي والتجسيد الفعلي.
وأضاف أبو الغيط، أن أطماع المتطرفين في حكومة إسرائيل لا تقف عند حدود فلسطين، إذ صار واضحاً ما يسعون إليه من فرض واقع جديد على المنطقة واقع من التوتر المستديم والعنف اليومي، والغارات المتواصلة والمناطق العازلة التي تتغول على سيادة البلدان العربية وتقتطع الأراضي من إقليمها تحت ذرائع كاذبة.
واختتم الأمين العام كلمته قائلا، إن جراحاً عربية ما زالت مفتوحة وأخطرها جرح فلسطين النازف، ولكن الدول الأعضاء في هذه المنظمة ما زالت تسعى إلى مواجهة التحديات بمنطق العمل الجماعي وبروح العروبة، وأحسب أن رياح التغيرات العالمية المتسارعة والتي تكاد تقتلع الراسخ من القواعد والمألوف من المعايير، هذه الرياح العاتية تحملنا على التشبث بهذا السقف والاحتماء بذلك الجدار، ففي أوقات مثل هذه تغيم فيها الرؤية ويشتد انعدام اليقين، يبقى العمل الجماعي ملاذاً وسبيلاً، وتظل العروبة حضناً وسنداً، وباعثاً للثقة بالمستقبل بإذن الله.
من جانبه، أكد الصفدي، أنه لن يتحقق هذا السلام ما لم يحصل الشعب الفلسطيني الشقيق على حقوقه كاملة، يجب أن تتجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران ١٩٦٧، لتعيش بأمن إلى جانب إسرائيل، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، سبيلا وحيدا لتحقيق السلام العادل والشامل الذي نريده جميعا.
كما شدد على أن الأردن سيستمر في العمل مع الأشقاء ومع المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية الكافية إلى غزة، وندعم الجهود التي تقوم بها جمهورية مصر العربية ودولة قطر الشقيقتان والولايات المتحدة الأميركية لتحقيق ذلك.
وأكد الصفدي، ضرورة تنفيذ اتفاقية التبادل التي أُنجزت بجهودهم بكل مراحلها، كما سنستمر في المملكة بالقيام بكل ما نستطيعه لوقف الإجراءات الإسرائيلية التصعيدية اللاشرعية في الضفة الغربية المحتلة، والتي تدفع نحو تفجر الأوضاع، وتقوض حل الدولتين، وسنظل نكرس كل إمكاناتنا من أجل حماية مقدسات القدس الإسلامية والمسيحية وهويتها، والوضع التاريخي والقانوني القائم فيها، في إطار الوصاية الهاشمية التاريخية عليها.
وقال، إن المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية يروجون أنهم يمضون في حروبهم حماية لأمن إسرائيل من خطر يحيط بها من كل الجهات، مشيرا إلى أن العالم كله يعرف بطلان هذه الادعاءات، فالسلام العادل هو الضامن الوحيد لأمن المنطقة وشعوبها كلهم، ونحن كلنا نريد السلام العادل والشامل الذي يلبي الحقوق وتقبله الشعوب، كما أكدت مبادرة السلام العربية للعام 2002 بموقف عربي واضح بيّن يفند جميع هذه المزاعم.
ــــ
ع.و/ م.ب