أهم الاخبار
الرئيسية محلية
تاريخ النشر: 01/07/2025 07:57 م

ندوة حوارية تؤكد أهمية اتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة التحديات المرتبطة بالتطرف


نظمها معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي بمشاركة نخبة من الخبراء والأكاديميين

رام الله 1-7-2025 وفا- أكد متحدثون في ندوة حوارية نظمها معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي، اليوم الثلاثاء تحت عنوان "ظاهرة التطرف والغلو في الوطن العربي: المخاطر الأمنية واستراتيجية الوقاية"، أهمية اتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة التحديات المرتبطة بالتطرف والغلو.

وشارك في الندوة التي عقدت بمقر المعهد في رام الله، نخبة من الخبراء والأكاديميين المتخصصين في قضايا الأمن والمجتمع.

وتناولت الندوة، تحليل أسباب انتشار التطرف والغلو في المنطقة العربية، وتأثيراته السلبية على استقرار المجتمعات وأمنها، بالإضافة إلى استعراض استراتيجيات وقائية تهدف إلى الحد من هذه الظاهرة.

وشدد المتحدثون، على ضرورة تنسيق الجهود بين المؤسسات الحكومية والخاصة لنشر الوعي والتحذير من المخاطر المرتبطة بالتطرف، وذلك لما له من تأثير سلبي كبير على مستقبل الأمة العربية والإسلامية، حيث يؤدي إلى هدر مواردها وإفشال أجيالها.

وأشاروا إلى أهمية الاستفادة من التطور التكنولوجي في وسائل الإعلام لكشف وسائل إعلام الجماعات المتطرفة وأساليبها في خداع أبناء المجتمع. بالمقابل، التركيز على نشر الأفكار الوسطية للإسلام ونبذ الأفكار المتطرفة التي تتعارض مع تقاليدنا وعاداتنا.

كما دعوا إلى بناء منهج تربوي قائم على الوسطية الدينية، بعيدا عن التطرف وسوء فهم النصوص الدينية.

كما أكدوا، ضرورة تأسيس مراكز أبحاث ودراسات لتشخيص ظاهرة التطرف مبكرا وتقديم الحلول المناسبة قبل انتشارها.

وشددوا على أن التعاون الإقليمي والدولي يعد نقطة ارتكاز أساسية في مواجهة التطرف الفكري والجماعات الداعمة له من الخارج، إذ تسعى تلك الجماعات إلى إضعاف موارد الأمة العربية وإشغالها بقضايا تؤخر وحدتها ونهضتها.

تعزيز التعاون الإقليمي والدولي

وأدار الندوة الدكتور أسامة خالد، الذي أكد في كلمته الافتتاحية أهمية الحوار العلمي في تقديم حلول عملية ومستدامة لمواجهة تحديات التطرف.

كما تخللت الندوة مناقشات بنّاءة بين المشاركين، ركزت على تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة هذه الظاهرة، مع التأكيد على دور التعليم والتوعية في بناء مجتمعات أكثر تسامحا واستقرارًا.

بدوره، شكر مدير عام معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي، اللواء حابس الشروف، الحضور والمشاركين على تلبية الدعوة والمشاركة في هذه الندوة المهمة التي تسلط الضوء على القضايا الحيوية المتعلقة بالأمن القومي العربي، مشيرا إلى أن مثل هذه اللقاءات تمثل منبرا لتبادل الأفكار والرؤى بين الخبراء والمختصين، مما يسهم في وضع استراتيجيات فعّالة لمواجهة التحديات الراهنة.

بناء جسور التواصل بين علماء النفس والواعظين والمؤسسات الدينية

وتحدث اللواء عبد الله غانم القحطاني، المستشار في مكافحة التطرف والإرهاب، عن التجربة السعودية في مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب والتي تعد نموذجا رائدا يستحق الدراسة والتأمل، حيث قامت على أسس متينة تجمع بين الفكر والدين والمجتمع والعمل العسكري.

وأشار اللواء القحطاني إلى أن نقطة التحول الرئيسية للحد من انتشار الظاهرة كانت في بناء جسور التواصل بين علماء النفس والواعظين الدينيين والمؤسسات الدينية من جهة، والمجتمع المدني من جهة أخرى، مما أسهم في تعزيز التفاهم المشترك ومعالجة الظواهر السلبية. كما أشار في مداخلته إلى إنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب ومقره الرياض، الذي اعتمد في استراتيجيته على أربعة محاور رئيسية: أولا، المجال الفكري الذي شمل تعزيز التفكير العقلاني وافتتاح مراكز علمية ودينية لنشر الوعي الصحيح بأمور الدين. ثانيا، المجال الإعلامي الذي تضمن التعاون مع وسائل الإعلام الوطنية والدولية لنشر رسالة التسامح والسلام. ثالثا، تجفيف منابع تمويل الإرهاب من خلال إجراءات صارمة لضبط التدفقات المالية المشبوهة. وأخيرا، تنمية المهارات العسكرية لدى منتسبي الأجهزة الأمنية في نطاق التحالف الإسلامي العسكري، لضمان جاهزيتهم لمواجهة التحديات الأمنية. وقد انعكست هذه الجهود بشكل إيجابي على تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في المجتمعات العربية، مع رفض الظواهر الهدامة كافة التي تهدد النسيج الاجتماعي.

التركيز على الوقاية من التطرف ومعالجة أسبابه

بدوره، تحدث رئيس مركز شرفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب، العميد الدكتور سعود الشرفات، عن التجربة الأردنية في مكافحة التطرف والإرهاب، والتي تعد أيضا نموذجا يحتذى به على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث نجحت الدولة الأردنية بفضل جهود جهاز المخابرات العامة والأجهزة الأمنية الشريكة في التصدي لمحاولات تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار داخل المملكة.

وقال العميد الشرفات إن هذه الجهود تميزت بالتركيز على الوقاية من التطرف ومعالجة أسبابه، خاصة فيما يتعلق بالفئات العائدة من مناطق النزاعات كأفغانستان وسوريا والعراق، والتي تأثرت بأفكار متطرفة تسعى للنيل من استقرار المجتمع.

وأضاف أن الدولة الأردنية عملت أيضا على تعزيز خطاب ديني وسطي ومعتدل من خلال توحيد المرجعيات الدينية، مما أسهم في الحد من انتشار الفتاوى غير المسؤولة والتي تفتقر إلى العلم والمعرفة بمقاصد الشريعة الإسلامية السمحة.

وأشار إلى أن هذا النهج الشامل يعكس التزام الأردن بتعزيز الأمن الفكري والمجتمعي، ويؤكد أهمية التعاون بين المؤسسات الأمنية والدينية لتحقيق الاستقرار المستدام، لافتا إلى أن الدولة الأردنية أطلقت برنامجا يهدف إلى تعزيز الحوار البنّاء مع الأفراد الذين يحملون أفكارا متطرفة أو يتبنون تفسيرات دينية متشددة، وذلك في إطار جهودها لمكافحة التطرف وتعزيز الأمن الفكري، ويتم تنفيذ هذا البرنامج داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، حيث يتم التركيز على إعادة تأهيل هؤلاء الأفراد فكريا ونفسيا ليصبحوا أعضاء فاعلين ومساهمين في بناء المجتمع.

وتابع: يعتمد البرنامج على منهجية تجمع بين الحوار الديني المستنير والتوجيه الفكري، لتصحيح المفاهيم المغلوطة وإبعادهم عن التأثيرات السلبية للأجندات التي تسعى إلى احتكار الدين أو توظيفه لتحقيق أهداف خاصة. ويأتي هذا الجهد ضمن التزام الدولة الأردنية بتعزيز قيم التسامح والاعتدال، وترسيخ مبادئ الدين الإسلامي القائمة على الرحمة والوسطية.

الأبعاد النفسية للتطرف والغلو

وتحدث الأستاذ الدكتور محمد شاهين من جامعة القدس المفتوحة عن الأبعاد النفسية للتطرف والغلو، موضحا أن هذه الظاهرة ترتبط بدوافع ونزاعات نفسية قد تكون متجذرة في الفرد أو في مجموعات معينة، مما يزيد من احتمالية تبني السلوكيات المتطرفة.

وأشار إلى أن هناك عدة عوامل تسهم في نشوء التطرف، من أبرزها ضعف تقدير الذات والهوية والانتماء، والشعور بالعزلة أو الوحدة، بالإضافة إلى أزمة الهوية الوطنية.

كما أوضح أن الحاجة إلى الشعور بالأهمية والمعنى قد تدفع بعض الأفراد نحو التطرف.

وحذّر الدكتور شاهين من التأثير السلبي لهذه الظاهرة على التماسك الاجتماعي، الذي يعتمد على قوة العلاقات والتضامن بين أفراد المجتمع، ورأس المال الاجتماعي القائم على شبكات العلاقات الفاعلة، والتضامن الاجتماعي المبني على المصالح المشتركة والمسؤولية الجماعية.

وأكد أن الغلو والتطرف يقوضان هذه الأسس من خلال إثارة الفتن والنزاعات، مما يهدد السلم الأهلي والاستقرار المجتمعي.

كما أشار إلى أن هذه الظواهر تؤثر سلبا على الصحة النفسية للأفراد والمجتمع بشكل عام، مما ينعكس على الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة.

تطبيق مبدأ سيادة القانون والحفاظ على النسيج الاجتماعي

من جهته، تحدث الدكتور أسامة بني عودة، من وحدة التطرف والإرهاب في معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي، عن التجربة الفلسطينية في مكافحة هذه الظاهرة.

وأوضح أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تواجه تحديات معقدة على المستويين الوطني والإقليمي، حيث تعمل في بيئة جغرافية وسياسية وأمنية مليئة بالقيود والعوائق التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف: هذه القيود لا تقتصر فقط على الحركة والتنقل، بل تمتد لتؤثر على طبيعة عمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، مما يضعها أمام مسؤوليات جسيمة لتحقيق الأمن والاستقرار.

وأشار أيضا إلى أن التركيبة الاجتماعية والحزبية تلعب دورا محوريا في تشكيل البيئة الأمنية، حيث تسود المجتمعات العشائرية التي يكون فيها للعائلة أو العشيرة تأثير كبير على مختلف القضايا. وتابع: في ظل هذه الظروف، تسعى الأجهزة الأمنية جاهدة لتطبيق مبدأ سيادة القانون والحفاظ على النسيج الاجتماعي من خلال تعزيز السلم الأهلي.

وأكد، أن هذا الجهد يتطلب تكاتف جميع مكونات المجتمع وتعاونها، إدراكا بأن تحقيق الأمن والاستقرار هو مسؤولية جماعية تتطلب العمل المشترك والتنسيق المتواصل بين الجهات المختلفة.

الجوانب التاريخية للتطرف والغلو

مديرة المركز العربي الديمقراطي في فلسطين الدكتورة ديمة أبو لطيفة، سلطت الضوء على الجوانب التاريخية للتطرف والغلو في الدين، مشيرة إلى نشأته منذ حادثة الخروج على الخليفة علي بن أبي طالب، التي عُرفت تاريخيا بظاهرة الخوارج.

وأوضحت أن التطرف قد شهد توظيفا دوليا واضحا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث أصبحت "الحرب على الإرهاب" ذريعة لتدخلات عسكرية غربية تهدف إلى إعادة رسم خارطة المنطقة لتحقيق مصالح سياسية.

وأكدت أن حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة استغل هذه الذريعة لإسقاط أنظمة حكم كما حدث في العراق وأفغانستان وليبيا، مما أدى إلى زعزعة الأمن والاستقرار في دول عربية أخرى مثل سوريا ولبنان والأردن. كما أشارت إلى دور بعض الدول في تعميق الانقسام الفلسطيني.

وركّزت في حديثها على دور الإعلام التقليدي والرقمي، معتبرة أنه أداة ذات حدين، محذّرة من أن الإعلام غير المهني أو المسيس قد يصبح وسيلة خطيرة لتأجيج الكراهية وإقصاء الآخر ونشر التطرف الفكري.

ــــ

ع.ف

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا