الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 05/10/2023 12:53 م

أيام "جلبون" المتوترة

 

جنين 5-10-2023 وفا- فاطمة إبراهيم

غصة كبيرة ترافق المواطن جهاد محمد محمود كلما مر من باب منزله الذي لا يستطيع دخوله منذ حوالي أسبوع، بعد استيلاء قوات الاحتلال الإسرائيلي عليه.

وطوال الأيام الستة الماضية، لم يستطع جهاد وعائلته العودة إلى منزلهم أو الدخول إليه في قرية جلبون شرق جنين، فيما اضطرت العائلة التي تضم أطفالا إلى المبيت في منزل آخر.

وكانت قوات الاحتلال قبل ستة أيام قد اقتحمت قرية جلبون ونشرت قواتها فيها واحتلت منزل جهاد وهو خارجه، وحولته إلى ثكنة عسكرية، ووضعت المتاريس على نوافذه، وأغلقت بابه بالأعمدة الحديدية لمنع دخول أحد إليه.

ويروي محمود تفاصيل احتلال منزله قائلا: "كنت في مكان قريب وسط القرية حين تلقيت اتصالا مفاده بأن قوات الاحتلال اقتحمت القرية، ونشرت جنودها في الشارع الرئيس وبدأت بإطلاق قنابل الصوت، بعدها بثوانٍ اتصلت بي زوجة أخي وقالت لي إن جنود الاحتلال كسروا باب منزلي، لأنه كان مغلقا بحكم أني كنت خارجه، ودخلوا إلى المنزل ولم يخرجوا، وكانت خائفة أن يداهموا منزلها أيضا".

يضيف جهاد، "انطلقت مسرعا إلى المنزل، وفور وصولي كان عدد كبير من الجنود داخله، ومنعوني من الدخول فقلت لهم، كيف تدخلون منزلا لا يوجد فيه أصحابه؟ فاتصل بي ضابط عسكري وقال لي، منزلك سيتحول طوال الفترة القادمة إلى نقطة عسكرية لنا، وممنوع دخولكم إليه أو تواجدكم فيه".

منعت قوات الاحتلال محمود من أخذ أغراض عائلته وحاجاتهم الضرورية من المنزل، وأمهلته خمس دقائق لأخذ بعض الملابس لطفليه ثم أمرته بأن يرحل.

ترك محمود وزوجته منزلهما وتوجها إلى منزل والده برفقة طفليهما، وعائلة أخيه الذي يسكن في المنزل المجاور له.

"ليس هناك أصعب من شعور العجز، فقد رحلت من منزلي دون حول لي ولا قوة، ولم أستطع أن أقول لهم هذا منزلي، فعليكم أنتم مغادرته لا أنا، كل يوم، أمر من أمام باب منزلي وأراهم يتمركزون على النوافذ، ولا أملك أي حيلة لأعود إليه، شعور العجز هذا صعب جدا". يقول جهاد.

ويضيف: "شردوا عائلتين في أقل من ساعة، شردونا من بيوتنا وها نحن نسكن كلنا ونحن قرابة 10 أشخاص في منزل والدي الصغير".

ورغم محاولات محمود ومجلس قروي جلبون التوجه إلى الصليب الأحمر والارتباط لمحاولة تدخلهم ومنع قوات الاحتلال من الاستمرار في احتلال منزله وتحويله إلى ثكنة عسكرية، إلا أن هذه التدخلات لم تثمر ولم تغير الواقع الذي فرضه الاحتلال على المنزل، وكانت الحجة أن مستعمرة "ميراف" المقابلة للقرية تتعرض لإطلاق نار.

ويقول رئيس مجلس قروي جلبون إبراهيم أبو الرب، إن منزل المواطن جهاد محمود هو ثالث منزل تقتحمه قوات الاحتلال وتحوله إلى نقطة عسكرية خلال شهر، فقد استولى الاحتلال على منزلين آخرين في القرية لفترات مختلفة خلال شهر أيلول الماضي، وتواصل اقتحامها للقرية بشكل شبه يومي.

ويضيف: "تقتحم قوات الاحتلال البلدة، وتطلق قنابل الغاز السام والصوت، ويتواجد الجنود المشاة على طول الشارع الرئيس القريب من المدرسة، وهو ما يؤثر بشكل مباشر في طلاب المدارس، خصوصا أنها تقع على مسافة قصيرة من أماكن تواجد الجيش".

ويضيف، "أمس، تجمع عدد كبير من المستعمرين على الشارع الرئيس القريب من جدار الفصل والتوسع العنصري المقام على أراضي جلبون، وكانوا يرفعون الأعلام الإسرائيلية ويتجهزون للانطلاق بمسيرة استفزازية، فكثف جنود الاحتلال تواجدهم لحماية المستعمرين، ومنعوا الأهالي من الخروج والسير في الشوارع".

ويحيط بجلبون ثلاث مستعمرات وهي معالي جلبوع، وميراف، والملك يشوع، وكلها أقيمت بعد عام 1976، كما أقيم جدار الفصل والتوسع العنصري على أراضيها عام 2004، بعد الاستيلاء على قرابة 1500 دونم من أراضي المواطنين لبناء الجدار الذي حرم غالبية أهالي القرية من أراضيهم.

ويمنع الاحتلال أهالي القرية من إقامة أي نشاط عمراني في حدود الـ3000 دونم القريبة من الجدار، حيث تعرض عدد من منازل القرية للهدم في تلك المنطقة، كما أُخطر عدد آخر بوقف البناء والعمران فيها.

كما يمنع الاحتلال وصول المزارعين إلى أراضيهم الواقعة خلف الجدار، حيث يحرم الأهالي من دخول أراضيهم وزراعتها وإعادة استصلاحها والتي تبلغ مساحتها أكثر من 350 دونما مزروعا بأشجار الزيتون.

ويقول أبو الرب: "في موسم الزيتون، يضطر الأهالي إلى إصدار تصاريح لدخول أراضيهم وجني ثمار الزيتون، وللأسف، لا يحصل كل المزارعين على التصاريح، ما يعني حرمان عدد من المواطنين من دخول أرضهم وجني ثمار الزيتون.

ويضيف: "لا يقتصر الأمر على المنع، فالمستعمرون يعتدون باستمرار على أشجار الزيتون ويسرقون ثمارها، كما يقومون بتكسيرها وحرقها، فضلا عن إفلات مواشيهم وأبقارهم عليها لتحطيمها".

ويتخوف أبو الرب من صعوبة موسم الزيتون لهذا العام، في ظل إجراءات قوات الاحتلال واقتحام القرية بشكل شبه يومي، واعتداءات المستعمرين المتكررة.

ويبلغ عدد سكان جلبون 3500 نسمة، فيما بلغت مساحتها التاريخية 34 ألف دونم حتى عام 1948، وتم الاستيلاء على الجزء الأكبر من أراضيها لتصبح مساحتها بعد بناء جدار الفصل والتوسع العنصري عام 2004 حوالي 8 آلاف دونم فقط.

ــــ

ف.إ/ م.ع

 

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا