الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 27/02/2023 05:03 م

جرائم الحرق.. مآس ومشاهد متكررة

رام الله 27-2-2023 وفا– مها الشيخ

لم ينم الطفل أحمد دوابشة الناجي الوحيد من المحرقة التي نفذها مستوطنون بحق عائلته في الحادي والثلاثين من تموز/ يوليو عام 2015 ليلة أمس، خوفا من هجوم المستوطنين في أي لحظة.

كان الطفل دوابشة التي قضت كل عائلته من ارهاب المستوطنين، يشاهد على شاشة التلفزيون الحرائق التي أضرمها المستوطنون في ممتلكات المواطنين من منازل ومركبات، في بلدة حوارة والقرى المجاورة، جنوب نابلس.

"قلوبنا كانت مع أهالي حوارة، مستذكرين كل التفاصيل التي حدثت مع عائلة أخي سعد في قرية دوما، جنوب نابلس، ولم ننم طوال الليل، لأن ما حدث مع عائلة دوابشة كان من الممكن أن يحدث مع أي عائلة في بورين أو حوارة"، يقول نصر دوابشة عم الطفل أحمد.

ويضيف، "لا تغيب عن أذهاننا جريمة إحراق منزل عائلة أخي التي أودت بحياة أخي سعد (32 عاما)، وزوجته ريهام (27 عاما)، وطفلهم الرضيع علي (18 شهرا).. عدنا أمس إلى اللحظة التي أحرق فيها مستوطن منزل أخي بأدق تفاصيلها، والمعاناة التي مرت علينا، ونحن نحاول إخراج عائلة أخي من المنزل، وإطفاء الحريق، حيث منع الاحتلال الإطفائية من الوصول".

ويذكر دوابشة لــ"وفا"، أن أحمد عندما يحدث أي اعتداء للمستوطنين قرب القرية يشترط أن يبقى أحد أفراد العائلة مستيقظا، فالتشوهات في جسده ما زالت شاهدا حيا على جريمة المستوطنين بحق عائلته.

يشير نصر أنه حاول أمس أخذ الاحتياطات البسيطة اللازمة قدر الإمكان، إذ خبأ مركبته في مكان بعيد عن أعين المستوطنين، واصفا إياهم بالمنفلتين ويعيثون فسادا في كل ما هو أمامهم، بتسهيل من قوات الاحتلال، منوها أن جيش الاحتلال أعطى الضوء الأخضر للمستوطنين لقتل أي فلسطيني، وإحراق مركبته وإجباره على الرحيل، في محاولة لردع شعبنا، مؤكدا أن كل هذه السياسات الاحتلالية عقيمة، وسنبقى صامدين في بيوتنا وقرانا ومدننا لمواجهة الاحتلال، ولن تتكرر النكبة.

المشاعر التي انتابت عائلة دوابشة ذاتها انتابت عائلة الشهيد الطفل محمد أبو خضير (16عاما)، الذي اختطفه ثلاثة مستوطنين من حي شعفاط بمدينة القدس المحتلة، في الثاني من تموز/ يوليو عام 2014، وهو متوجه لأداء صلاة الفجر في شهر رمضان المبارك، وعذبوه، وحرقوه حيا، وألقوا بجسده في أحراش قرية دير ياسين المهجرة غرب القدس.

"تابعنا ما حصل عبر محطات التلفاز، وقلوبنا مع حوارة وزعترة وبورين، مستحضرين شهيد الفجر محمد"، يقول حسين والد الشهيد الطفل محمد أبو خضير.

ويشدد أن المستوطنين مدعومون من الحكومة الإسرائيلية، مطالبا الأمم المتحدة بتوفير الحماية لشعبنا من هؤلاء المجرمين.

وأصبحت اعتداءات المستوطنين أسلوبا ممنهجا، وعن هذا يقول مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس إن عدم ردع المستوطنين الذين أحرقوا الطفل أبو خضير وعائلة دوابشة أعطى التصريح للمستوطنين بالاستمرار في اعتداءاتهم المختلفة، والتي تتمثل في عمليات إطلاق الرصاص وحرق المنازل والمركبات، وطرد المزارعين من أراضيهم، وحتى ارتكاب جرائم قتل بحق أبناء شعبنا.

وتابع دغلس أن خمسة مواطنين قتلوا على يد المستوطنين منذ مطلع هذا العام، ولا يوجد قانون يردعهم، حيث أضحى القتل والحرق نهجا يتبعه المستوطنون، وما حصل أمس وامتد لساعات في حوارة وبورين وعصيرة القبلية، وغيرها من المواقع، تكرار لأكثر من جريمة بنفس الليلة، وكانت قوات الاحتلال على خط واحد مع المستوطنين، فمنهم من يحرق ومنهم من ينهب والآخر يجرح ويقتل.

وتعليقا على ما يحصل مع الطفل أحمد دوابشة، وأثر اعتداءات المستوطنين على نفسية الأطفال والبالغين، أوضح الأستاذ المشارك في الخدمة الاجتماعية في جامعة القدس المفتوحة إياد أبو بكر أن الطفل عندما يشاهد اعتداءات المستوطنين تحدث عنده اضطرابات نفسية وسلوكية، نتيجة الخوف، والقلق وعدم الشعور بالاطمئنان، وشعوره بأن حياته مهددة بالخطر، عدا عن اضطرابات ما بعد الصدمة مثل الكوابيس، وهذا ينعكس على حياته وسلوكه وردات فعله، ومن الممكن أن يصبح شخصا انطوائيا وغير مستقر في حياته.

وبين أبو بكر أن المواطن البالغ عندما يرى أسرته تتعرض للعنف والحياة اللامستقرة يشعر بتهديد على حياته، ويفقد الأمن الشخصي، ويشعر أنه مقصر في حماية أسرته.

ــ

/ي.ط

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا