الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 27/02/2023 04:21 م

لجان الحراسة الشعبية .. أداة نضالية للتصدي لجرائم المستوطنين

رام الله 27-2-2023 وفا- إيهاب الريماوي

عاشت عدة بلدات وقرى جنوب نابلس، ليلة عصيبة بعد شن عصابات المستوطنين الإرهابية هجمات غير مسبوقة على منازل وممتلكات المواطنين، أدت إلى استشهاد المواطن سامح أقطش (37 عاماً) من قرية زعترة (جنوب نابلس)، وإصابة أكثر من 100 آخرين.

ونفذ المستوطنون اعتداءاتهم (نحو 300 اعتداء) باستخدام الرصاص والغاز والحجارة، وإحراق السيارات والمنازل، بحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي أغلق الحواجز المحيطة بمدينة نابلس ومنع المواطنين من المرور عبرها في كلا الاتجاهين، واحتجزهم، وأطلق قنابل الصوت والغاز السام المسيل للدموع صوبهم.

لجان الحراسة والحماية الشعبية، ليست بالطارئة على المشهد الفلسطيني، حيث شكّل الفلسطينيون مثل هذه اللجان عام 1936، وتكون مهمتها السهر خلال الليل لحراسة مداخل القرى والمُخيّمات لرصد حركة جيش الاحتلال ومستوطنيه لتنبيه السكّان بوجود اقتحام.

ويؤكد الناطق باسم حركة "فتح" حسين حمايل، أن هناك قرارا مركزيا داخل الحركة لإعادة تنشيط هذه اللجان في كافة المناطق المهددة من قبل المستوطنين، علما أن الكثير منها مفعّل وينشط في القرى القريبة من المستوطنات، مشيرا إلى أن عدم تنشيطها يزيد من اعتداءات المستوطنين، ووجودها سيخفف من وطأة الاعتداءات حيث إن المستوطنين لا يتجرؤون على اقتحام أي قرية أو بلدة إذا كان فيها حشد وتجمع للمواطنين.

ويحمل الانخراط في هذه اللجان درجة كبيرة من الخطورة وفق حمايل، لأن الشبان فيها معرضون للإصابة والاعتقال من جيش الاحتلال والمستوطنين الذين يكونون مدججين بالأسلحة، كما حدث قبل أيام في قرية رمون شرق رام الله عندما هاجم نحو 14 مستوطناً مسلحاً المواطنين في أراضيهم، وما حصل في قرية قصرة عندما هاجم المستوطنون شبان الحراسة الليلية وأصابوا اثنين منهم بجروح بعد إطلاق الرصاص عليهم، والتي هي من أوائل القرى التي شكّلت لجانَ حراسةٍ ليليّةٍ بعد الانتفاضة الثانية. ومن خلال سماعات المساجد والهواتف يحشد أهلها بعضهم البعض للتصدي لاعتداءات المستوطنين.

ولا تمر اعتداءات المستوطنين دون دفاع من أهالي قصرة، وقدموا في سبيل ذلك الشهداء. وفي حادثة شهيرة عام 2014 احتجزوا مجموعةً من المستوطنين اعتدوا على المزارعين، وأوسعوهم ضرباً.

بدوره، يشير مدير عام دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد الله أبو رحمة، إلى أن فكرة وجود لجان حراسة شعبية جاءت بعد جريمة إحراق مستوطنين عائلة دوابشة عام 2015، وجاءت أهميتها في الجرائم العنصريّة خاصّة من قبل المستوطنين الذين يحميهم جيش الاحتلال ويوفّر لهم كل المساعدة والحماية لتنفيذ جرائمهم بحق أبناء شعبنا.

ويروي أبو رحمة تجارب ناجحة للجان الحراسة الشعبية، كتلك التي تشكلت قبل ثلاث سنوات في قرية المغير شرق رام الله، حيث كان هناك خطر على منازل في المنطقة الشرقية في القرية، وبقيت اللجان عدة أيام تساند الأهالي إلى أن زال الخطر، وأيضاً في المرحلة الحالية تجرى مساندة لعائلة أبو عواد في قرية ترمسعيا، والتي يقع منزلها على بعد أمتار قليلة من مستوطنة "شيلو" وأقرب منزل في القرية على مسافة كيلومتر ونصف، حيث تقوم اللجان بالسهر ليلاً لصد أي هجوم محتمل من قبل المستوطنين.

ويلفت إلى أنه بناء على تجربته وملاحظته على مدار سنوات في عمل لجان الحماية والحراسة الشعبية، بأن المستوطنين جبناء ولا يجرؤون على مهاجمة المناطق التي تشهد تواجداً مكثفاً للمواطنين، رغم ما يملكونه من عتاد عسكري وحماية من جيش الاحتلال، وما يفرق أن الفلسطيني يملك من الإرادة والإيمان التي تجعله في موقف قوة أمام خوف المستوطن.

ويتجرأ المستوطنون وفق أبو رحمة، على الاعتداء على المناطق القريبة من المستوطنات والبعيدة عن التجمعات السكانية المكثفة، حيث يحاولون الاستقواء على تلك المناطق كون عدد سكانها يكون قليلا، لكن عندما يلاحظون وجود لجان حماية ومساندة لا يجرؤون على العودة أو الاقتراب منها.

منسق القوى الوطنية عصام بكر شدد على أن الحاجة هذه الأيام أصبحت ملحة من أجل تفعيل هذه اللجان، وتشكيل لجان أخرى، ضمن فلسفة مقاومة الاحتلال وصد هجمات المستوطنين، وتثبيت صمود الناس فوق أرضهم، مؤكداً أن ذلك يجب أن يكون من خلال تكامل للجهود ما بين القوى الوطنية والفصائل ووزارة الحكم المحلي والمجالس القروية والبلدية.

ويرى بكر ضرورة أن تخصص المجالس المحلية جزءا من ميزانياتها من أجل دعم ومساندة ومساعدة لجان الحراسة، التي أصبح وجودها في هذه المرحلة أمرا مهما ولا مفر منه، لأن كل المناطق المهددة باتت مطمعاً لاعتداءات وهجمات المستوطنين.

ويقارن بكر تجربة لجان الحراسة ما بين تلك التي تشكلت في الانتفاضة الأولى عام 1987، وما بين حاضرنا، حيث أنه كان يتم استخدام مكبرات الصوت، والطرق على أعمدة الكهرباء بأدوات حديدية ومعدنية من أجل إيقاظ الناس إن كان هناك خطر داهم، في حين كانت تهب القرى لمساعدة ومساندة القرى التي تتعرض لهجمات من قبل المستوطنين، واليوم أصبح هناك وسائل التواصل الاجتماعي التي من خلالها يمكن رصد تحركات المستوطنين وكشف اعتداءاتهم بأقصى سرعة.

وحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) فإن المستوطنين نفذوا خلال عام 2022 نحو 600 اعتداء، في حين نفذوا ما يقرب من 450 اعتداء عام 2021، و350 في 2020.

ـــ

إ.ر/ م.ل

 

 

 

 

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا