قلقيلية 8-10-2022 وفا- ميساء عمر
كان صوتها يملأ المنزل صراخاً، ولم تعـد قادرة على البكاء بأكثر مـن الـدموع التي استنزفت طاقتها كلهـا، تنعزل في زاوية بمنزلها، وتشهق شهقات تكاد تزهق روحها... تحاول النسوة أن تلتف حولها ليهدئن من خاطرها ويرددن على مسامعها ان نجلها الشهيد عادل طير من طيور الجنة.
صدمة مدوية تعيشها الأم بعد ارتقاء نجلها، فهي ليست المرة الأولى التي يتوجه فيها الى هذه المنطقة، لكنه كان في كل مرة يقول لها إنه يقف في مكان آمن وبعيد عن جنود الاحتلال، وإن كانت هناك مواجهات يشاهدها من بعيد ولا يحتك مع أحد، وتنتظره ليعود إلى حضنها، لكنه هذه المرة لن يعود.
الفتى عادل ابراهيم داوود ابن مدينة قلقيلية (14 عاما)، أصيب بالرصاص الحي عصر أمس، خلال تواجده في منطقة "البيرين" جنوب قلقيلية بالقرب من جدار الضم والتوسع، أصابت الرصاصة مقدمة رأسه وخرجت من الخلف محدثة تفتتا بالدماغ، وعلى اثر ذلك تم نقله مباشرة إلى مستشفى درويش نزال الحكومي بالمدينة حيث وصفت اصابته بالحرجة، وبعد ساعتين تم الإعلان عن استشهاده.
الى جانب عائلته سيفتقد الفتى الشهيد "عادل" في الحارة، رفاقه "الستة" "علي، ومحمد، وأحمد، ونضال، وباسم، وعبد"، فهم اصدقاؤه في الحارة وفي الأحلام كذلك، فرغم صغر سنهم كانوا يجلسون سويا ويتحدثون عن مستقبلهم وكيف سيؤسسون مشروعهم المستقل مستقبلا... لكنهم وبعد الآن سيغدون ينتظرونه على مقعد الدراسة وفي الحارة ولن يأتي.
يجلس رفاقه الآن بالقرب من منزله ولكن بدلا من أن ينتظروه لممارسة هوايتهم المفضلة بلعب كرة القدم كما اعتادوا في هذا الوقت من كل يوم، يحملون صوره وحطة سوداء واعلاما فلسطينية، وينظرون إلى صوره والفيديوهات التي التقطوها سويا وهم يمرحون.
بخطى ثقيلة بعض من رفاقه ساروا باتجاه ساحة المنزل ليواسوا والدته، منهم من جلس بجانبها، ومنهم من استند بظهره على الحائط، وأخذوا يهدئون من روعهـا، ويرددون: "احنا ولادك يا خالتي".
ويقول رفيقه علي: "كنا فريقا واحدا عددنا 7، كل يوم ننتظره بساحة الحديقة بجانب البيت ليلعب معنا، كان حلمه أن يصبح لاعبا مشهورا، يوم أمس انتظرناه ولم يحضر، أصبحنا 6 وخسرنا عادل واللعب على طول، ورغم ذلك سنبقى ننتظره".
عادل ليس أول شهيد من الأطفال يسلب جيش الاحتلال طفولته، فالاحتلال لا يدخر وقتا او حدثا الا ويسلط سيفه على الأطفال من قتل واعتقال، فاندلاع المواجهات في منطقة البيرين جنوب قلقيلية، كانت الحجة هذه المرة لإطلاق رصاصه باتجاهه، بحسب مدير نادي الاسير بقلقيلية لافي نصورة.
ويقول نصورة: "علينا دعوة مجلس حقوق الانسان الى جلسة استثنائية لمناقشة الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها الاحتلال بحق الاطفال ويمارس القتل يوميا في تحد للوانين الدولية وفي ظل صمت من مختلف دول العالم ما يشجعه على ارتكاب المزيد من الجرائم".
وأكد أن افلات الاحتلال من المساءلة والمحاسبة يشجعه على ارتكاب المزيد من الجرائم وما يلزم هو تحرك دولي عاجل للضغط على الاحتلال لوقف هذه الانتهاكات الخطيرة.
ــــــــــ
/ م.ل