أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 24/09/2021 10:00 م

أكاديميون: خطاب الرئيس حصار لأكاذيب إسرائيل واختبار لإرادة المجتمع الدولي

رام الله 24-9-2021 وفا- أجمع أكاديميون ومراقبون سياسيون، على أن الكلمة التي ألقاها الرئيس محمود عباس، اليوم الجمعة، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 76، وضعت حداً لمناورات إسرائيل، ووضعت المجتمع الدولي أمام مسؤولياته ضمن إطار زمني لا يمكن لأحد التكهن بمآلات الأوضاع على الأرض إذا انقضى دون التوصل إلى تفاهمات سياسية تكفل حقوق الشعب الفلسطيني.

وقال الكاتب والمحلل السياسي محمد هواش، لـ"وفا"، إن الرئيس بدأ الخطاب بتقديم الرواية الفلسطينية لدحض تلك الإسرائيلية، ليؤكد على كل المفاصل المتعلقة بممارسات الاحتلال منذ النكبة عام 1948 وما تبعها من انتهاك لحقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، وكل ما يتعلق بإجهاض التسوية التفاوضية التي تم الاتفاق عليها في أوسلو وما بعدها.

وبالتالي، حمل الرئيس كما يقول هواش، إسرائيل مسؤولية كل ما يجري من توتر ومن تبعات ومسؤولية عن تدهور الأوضاع في فلسطين بسبب استمرار الاحتلال، وبشكل لم يعد يسمح للفلسطينيين بالبقاء صامتين وفي مصافي المتفرجين على ما يستهدفهم من انتهاكات، وحيال الحقوق الوطنية وفي مقدمتها التحرر وإنهاء الاحتلال وقيام الدولة المستقلة.

"ووصل الخطاب إلى ملمح جديد، حيث أكد الرئيس على أن الشعب الفلسطيني لن يستمر ملتزماً بالاتفاقات التي تمت بين الجانبين، ما لم تلتزم إسرائيل بما نصت عليه، وما لم توجد آلية دولية لإلزام إسرائيل بتلك الاتفاقات" أضاف هواش.

ويعتقد هواش، "أن ذلك يكمن في العام الذي دعا فيه الرئيس أبو محمود عباس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لمباشرة الاتصالات من أجل الدعوة لمؤتمر سلام دولي، ومن أجل وقف الانتهاكات الإسرائيلية والتدهور الحاصل في آلية العلاقات، ومستقبل التسوية، التي تريد إسرائيل للفلسطينيين من خلالها التفاوض بلا أمل وأي أهداف واضحة".

وأشار إلى أن دعوة غوتيريش لأن يبدأ بالترتيب لعقد مؤتمر دولي تحت رعاية الرباعية الدولية، تحمل دلالة للرفض الفلسطيني للرعاية الأميركية المنفردة والأحادية والحصرية لأي عملية سياسية أو عملية سلام مستقبلية.

وتابع: "هذا موقف جديد، وأعطى الإدارة الأميركية ملامح للتحرك الفلسطيني الجديد، وفيه أيضاً فرصة زمنية لكي تلملم الوضع وترمم العلاقات مع الفلسطينيين، وكي تعيد النظر في بعض القوانين التي سنتها إدارات سابقة ومنعت الفلسطينيين من الاستفادة من العلاقات مع الولايات المتحدة".

ويؤمن هواش أنه كان لزاما على الفلسطينيين التلويح بالخيارات التي يمتلكونها، والتي ستكون مفتوحة ولن تنحصر في الجوانب الدبلوماسية وقد تنتهي إلى مآلات غير معروفة ولا يتوقعها أحد، بسبب حالة الجمود التي وصل إليها مستقبل عملية السلام.

وقال في هذا السياق: "الرئيس أعطى الولايات المتحدة وإسرائيل ما يمكن اعتباره فرصة أخيرة قبل أن تتخذ السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير والشعب الفلسطيني قرارات تتعلق بالخيارات الجديدة المختلفة عن السابق".

من جانبه، أكد استاذ الإعلام أحمد رفيق عوض، أن خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان واضحاً وحاسماً ووضع كل الخيارات على الطاولة، ولم يترك الأمر على غاربه حيث حدده بسقف زمني.

وقال: "الخطاب تناول كل الخيارات، بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين وللمنطقة، خيارات الدولتين أو الدولة الواحدة أو العنصرية أو تفجر الأوضاع أو خيار السلام، وذلك ضمن فترة السنة التي تعد كافية لتداول السؤال الكبير ليس فقط على الإسرائيليين وإنما أمام المجتمع الدولي، وهو هل سيبقى الاحتلال قائماً إلى الأبد؟ وهل سيتم تخليد أو تأبيد هذا الاحتلال؟".

وأشار عوض إلى أن المهلة المحددة بعام، ستكون كافية للتوصل إلى اتفاق حول إنهاء الاحتلال، بما يشمل تفاهمات بشأن قضايا الحل النهائي، بموجب مرجعية مفاوضات قانونية تتمثل بقرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية والمؤتمر الدولي للسلام، وإلا فإن البديل سيكون ضمن نقاط القوة التي يملكها الفلسطينيون والتي لا تستند إلى قوى الدبابات والطائرات، ولكنها ستشكل بالنسبة لإسرائيل خيارات رديئة.

وأضاف أن الرئيس وعندما وضع المهلة، أخذ بعين الاعتبار الموقف الأميركي الحالي الذي لا يرغب بالضغط على إسرائيل والذي يطالب بمنح الحكومة الجديدة في تل أبيب الوقت الكافي لتمتين الحكومة حتى لا تنهار ويعود بنيامين نتنياهو مجددا لسدة الحكم.

وبيّن عوض، أن الخيارات التي وضعها الرئيس محمود عباس في خطابه والتي تبدأ بحل الدولتين ثم الدولة الفلسطينية وفق قرار التقسيم أو الدولة الواحدة أو سحب الاعتراف بإسرائيل، تمثل حصارا لأكاذيب الاحتلال وادعاءاته.

وتابع: "هذا الطرح موفق جداً وفيه سحب لبساط الادعاءات من تحت أقدام إسرائيل ويفضح أكاذيبها المتعلقة بأن الواقع هو ما يقود إلى التسوية، فتلك الخيارات تطبق الحصار على الاحتلال وتفضح أكاذيبه وتضع حداً لها، لا سيما أنها تنسجم مع المرجعيات الدولية والحل السلمي والمقاومة الشعبية، وكل هذا واقعي".

وشدد عوض على أن الرئيس في طرح تلك الخيارات لم يقفز في الفراغ، ولم يقم بمغامرة ولم يبن ما قاله على العبث أو اللاجدوى، إذ وجه رسالة تحذيرية للمجتمع الإسرائيلي أولا وللمجتمع الدولي ثانيا حول سوء الخيارات التي ستكون متاحة إذا لم يعملوا على تحقيق السلام في إطار زمني محدد.

من جانبه، اعتبر أستاذ الدراسات الإقليمية عبد المجيد سويلم، أن أي متابع يستطيع أن يلحظ وبسهولة أن خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نوعي ومميز وتاريخي ويحمل عناصر جديدة اضطر الرئيس لطرحها، بسبب ما آلت إليه الأمور بفعل السياسات الإسرائيلية والانحياز الغربي والأميركي على وجه الخصوص، وبعد نفاد صبر الشعب الفلسطيني أملاً في أن يتحقق السلام طيلة العقود الماضية.

وقال: "لا بد لكل مراقب أن ينتبه إلى أن الرئيس بدأ بحق العودة، حتى يقول إن حقوق الشعب الفلسطيني لا تنتهي عند حدود إقامة الدولة، وتحدث عن 7 ملايين في الخارج وتحدث عن اقتلاعهم من أرضهم وتدمير 500 قرية وتجمع سكاني منذ النكبة، ثم توجه للحديث عن ممارسات الاحتلال بعد عام 1967، وهذه مسألة لا يمكن أن تكون وردت في الخطاب بالصدفة".

جانب آخر هام تضمنه الخطاب حسب سويلم، وهو إشارة الرئيس إلى أن الفلسطينيين مدوا أياديهم للسلام وحاولوا أن يكونوا إيجابيين في أي عملية سياسية ولكن دون جدوى، بمعنى أن الحديث عن غياب الشريك الفلسطيني أصبح نكتة، بعد أن اتضح مكمن الخلل في عملية السلام.

ولفت سويلم الانتباه إلى سؤال الرئيس للغرب عن جدوى التغني بالقيم المشتركة مع إسرائيل، لا سيما أن الأخيرة تبرز فيها في هذه المرحلة قيم التمييز العنصري والاستيطان والاحتلال.

وأيضاً كان لافتا حديث الرئيس عن خيارات الدولتين أو العودة لقرار التقسيم أو الدولة الواحدة الكفاحي الذي لا يعترف بإسرائيل كدولة ولا ككيان سياسي، وإنما يعترف بالمساواة وإسقاط نظام الفصل العنصري الذي تقوم عليه منظومة الدولة الواحدة، أضاف سويلم.

وقال: "الرئيس قال سنقبل بقرار التقسيم الذي يعيد 44% من فلسطين التاريخية إذا لم يضمنوا لنا حق العودة، وإذا لم يقبلوا بخياري الدولتين وقرار التقسيم، فهناك حل ثالث لا نريده ولكن قد نذهب إليه مضطرين يقوم على الدولة الواحدة بدون الاعتراف بإسرائيل، وهنا ستأخذ المسألة طابعاً آخر، يقوم على النضال ضد العنصرية حتى إسقاط النظام السياسي".

وأضاف سويلم، أن الخطاب مهم ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، ولن يتمكن بعد الآن من التنصل من هذه المسؤولية، ولا يستطيع أن يقول إنه غير متفهم للإشكالية التي يطرحها الشعب الفلسطيني، إلا إذا قرر التخلي عن مسؤوليته، وحينها وبعد سنة من الآن، ستأخذ الأمور بعداً آخر من الناحية الاستراتيجية والسياسية ومن الناحية الأدواتية والكفاحية، ودون أية قيود.

وشدد كذلك على أن "الخطاب فتح الباب مجددا أمام استعادة حالة الوحدة الوطنية، وأغلق الملف الداخلي القائم على المناكفات السياسية، إذ لن يستطيع أحد الحديث عن تنازلات في الموقف السياسي الفلسطيني، ولن يتجرأ أحد ليقول إن هناك محاولة للتماهي مع الحلول الإسرائيلية أو الأميركية".

ـــ

ر.س

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا