غزة 2-9-2025 وفا– سامي أبو سالم
مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي نيته "احتلال غزة" والسيطرة على المدينة، خيمت أجواء من الخوف والإحباط والحيرة على نحو مليون مواطن يقطنون فيها، سواء من أهلها الأصليين أو من النازحين إليها من شمال القطاع قبل أكثر من ستة أشهر.
ورغم التهديدات المتصاعدة، لا يتمكن معظم السكان من النزوح، لأسباب ترتبط بغياب البدائل، وارتفاع التكاليف، وظروف إنسانية وصحية قاهرة.
غياب المكان والقدرة المالية
عودة عبد ربه، أحد سكان المدينة، أوضح لـ"وفا" أنه حاول مرارًا النزوح لكنه لم يجد مكانًا يلجأ إليه، كما أن استئجار بيت بات ضربًا من المستحيل مع وصول الإيجارات في وسط القطاع إلى 3000 شيقل شهريًا فأكثر. وأضاف: "أنا لست بطلاً، بقائي ليس تحديًا للاحتلال، لكنه الخيار الوحيد المتاح".
عقبات صحية وإنسانية
وردة الدريملي، التي نزحت مع عائلتها من حي الزيتون شرق غزة بعد تعرضه للقصف، قالت إنها لا تستطيع التوجه جنوبًا لوجود اثنين من أفراد عائلتها من ذوي الإعاقة البصرية وآخرين يعانون أمراضا صدرية. وأكدت أن ظروف النزوح لا تلبي الحد الأدنى لاحتياجات المرضى، ما يضطرها إلى البقاء في المدينة لدى أحد أقاربها.
أزمة المواصلات والوقود
طلال محسن، الذي دمر الاحتلال منزله في مخيم جباليا العام الماضي، بيّن أن نقله وعائلته من غزة إلى وسط القطاع يتطلب أكثر من 2500 شيقل، وهو مبلغ يعجز عن توفيره، خاصة مع شح السيولة ومنع الاحتلال دخول الوقود. وأوضح أن السائقين يستخدمون زيت الطبخ أو وقودًا مصنعًا محليًا وصل سعر اللتر الواحد منه إلى نحو 100 شيقل.
نزوح مزدحم بلا متسع
عادل سعد الدين، الذي نزح من غزة إلى دير البلح، وصف أوضاع النازحين بأنها "أصعب من بداية الحرب"، مشيرًا إلى أن مناطق النزوح في المواصي والوسطى اختنقت بمئات آلاف النازحين من رفح وخان يونس. وقال: "لا يوجد متسع، والظروف الصحية والمعيشية تتدهور".
البقاء في الخيام تحت القصف
جميلة أحمد، وهي أم لأربعة أطفال تقيم في خيمة بمدينة غزة، قالت: "أخشى أي هجوم إسرائيلي وأرغب في الرحيل فورًا، لكن لا أملك المال ولا مكانًا ألجأ إليه". وأشارت إلى أن وعود العودة إلى بيتها المدمر في شمال غزة تتلاشى مع مرور الوقت.
مؤسسات دينية وإنسانية تتمسك بالبقاء
رغم المخاطر، أعلنت عدة مؤسسات إنسانية أممية ومحلية الاستمرار في عملها داخل مدينة غزة. كما قررت لجنة طوارئ كنيسة العائلة المقدسة البقاء في الكنيسة لمساندة الكهنة والراهبات في خدمة جميع من سيبقون داخل مجمعها، استنادًا إلى بيان صادر عن البطريركيتين اللاتينية والأرثوذكسية في القدس.
بين القصف وانسداد الأفق
ويتعرض حيا الزيتون والصبرة شرق المدينة وجنوبها لغارات متواصلة، ما أجبر عائلات على التحرك غربًا، بينما يتركز معظم السكان والنازحين في أحياء الرمال والنصر وتل الهوى ومخيم الشاطئ وميناء الصيادين. ورغم أن بعض العائلات تمكنت من المغادرة بعد إيجاد مأوى عند أقارب، فإن الأغلبية العظمى تظل عالقة في مدينة أعلنتها قوات الاحتلال "منطقة قتال خطيرة".
ـــــــــ
/ف.ع