أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 20/07/2025 10:14 ص

"خرجوا جوعى فعادوا شهداء".. الاحتلال يفتك بأطفال ينتظرون الغذاء بغزة

 

غزة 20-7-2025 وفا- أمام سرير يرقد عليه طفلهما في مستشفى وسط قطاع غزة، ينتظر الوالدان حاتم وإيمان النوري بقلق بالغ، يترقبان أي بارقة أمل بشأن الحالة الصحية لطفلهما "سراج" المصاب بجروح بالغة في الرأس والعين إثر قصف لقوات الاحتلال أفقده اثنين من أشقائه وابنة عمه بينما كانوا ينتظرون دورهم للحصول على مساعدات غذائية.

الأسبوع الماضي، غادر الأطفال الأربعة منزل العائلة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، متوجهين إلى نقطة طبية قريبة لتسلّم المساعدات الغذائية الذي توزعه إحدى المؤسسة، إذ كان الطفل سراج يبكي لأنه يشتهي تذوق أي طعام "حلو المذاق".

ولم تمر إلا بضع دقائق على وصولهم إلى النقطة الطبية، حتى دوى انفجار عنيف نجم عن قصف لقوات الاحتلال، حول الموجودين في المكان إلى دماء وأشلاء.

المواطنة إيمان النوري، قالت للأناضول، بينما تجلس قرب ابنها "سراج" ذو العامين ونصف، إن الأطفال الأربعة، توجهوا يوم الخميس الماضي، إلى النقطة الطبية القريبة من المنزل في دير البلح، من أجل الحصول على "مكمل غذائي".

وأضافت أن خروجهم إلى هناك جاء بعد نوبة بكاء من سراج لأنه "كان يشتهي المكمل الغذائي؛ حلو المذاق".

وأوضحت أنه بعد مرور 5 دقائق على خروجهم من المنزل، دوى انفجار في المكان إثر قصف قوات الاحتلال أسفر عن استشهاد طفليها عمر وأمير وابنة عمهما سما، وإصابة سراج بجروح بالغة ما زال يرقد على إثرها في قسم العناية المركزة.

وتابعت: "الولد (سراج) كان يبكي، ولم يكن لدينا طعام، الطفل ما حلمه بالنهاية؟ (تقصد الحلويات)".

وفي لحظة القصف، قُتل الطفلان أمير وسما بينما تم إسعاف عمر إلى المستشفى حيث كان "يتنفس" في حينها إلا أنه توفي متأثرا بإصابته بعد ساعة.

وتشير الوالدة إلى أن إسرائيل تعمدت استهداف الأطفال الذين جلسوا على أحد الأرصفة بجانب النقطة الطبية منتظرين دورهم.

وتقول في هذا السياق، إن الأمر كان واضحا، "كانوا أطفالا، وكان ذلك ظاهرا لقوات الاحتلال الإسرائيلي، لكنه لم يتردد في استهدافهم".

والخميس، قصفت قوات الاحتلال تجمعا لمدنيين غالبيتهم من النساء والأطفال أمام مركز طبي يتبع لمؤسسة "بروجكت هوب" الأميركية، للحصول على أدوية ومكملات غذائية، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد منهم.

ووثقت مقاطع فيديو تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، نقل الشهداء والمصابين من الأطفال عبر عربات تجرها حيوانات للمستشفى.

وتقول النوري إن الأطفال الأربعة نقلوا على عربة يجرها حمار من مكان القصف في دير البلح إلى مستشفى شهداء الأقصى، إذ لم تستطع سيارة الإسعاف الوصول إلى مكان الحادث.

ويلخص هذا المشهد حالة الانهيار التي يعاني منها القطاع الصحي في قطاع غزة، خاصة في ظل نفاد الوقود المخصص لتشغيل المستشفيات وسيارات الإسعاف.

وفي 11 تموز/ يوليو الجاري، قالت مصادر طبية في القطاع: "لازال المرضى في مستشفيات قطاع غزة يوضعون على حافة الموت في كل يوم، إذ يتم الاستمرار في سياسة التقتير والتنقيط في إدخال الوقود اللازم لعمل مولدات الكهرباء وسيارات الإسعاف ".

وأوضحت أن هذا الوضع "أجبر المستشفيات على اتباع سياسة ترشيد وتقشف تتمثل في إيقاف إمداد الكهرباء عن بعض الأقسام، فضلا عن انخفاض القدرة على تشغيل سيارات الإسعاف مما يضطر المواطنين إلى نقل المصابين والمرضى على العربات التي تجرها الحيوانات".

وأوضحت النوري أن طفلها عمر، حينما نقل من مكان القصف كان "يتنفس"، لافتة إلى أن عدم نقله عبر سيارة إسعاف وخضوعه للإسعافات الأولية وعمليات الإنعاش، تسبب بتردي حالته.

وأضافت أنه كان يحتاج إلى نقل دم سريع بعدما نزف كثيرا جراء إصابته، لكن وحدات الدم لم تصل للمستشفى إلا بعد ساعة، وفق قولها.

ويؤثر نفاد الوقود على توفر وحدات الدم ما يؤثر بشكل سلبي على حياة المرضى والمصابين الذين يصلون للمستشفيات. كما يؤثر على تشــــــغيل الثلاجات الخاصة بحفظ وحدات الدم القليلة الموجودة داخل المســـتشفيات.

يأتي ذلك في ظل انهيار كامل يعاني منه القطاع الصحي جراء استهداف قوات الاحتلال المتعمد للمستشفيات والمراكز الصحية المتبقية العاملة في القطاع، ومنع دخول الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية.

بدوره، اقترب الأب حاتم النوري من قدم طفله "سراج" وقبلها برفق، بينما كانت دموعه تنهمر خوفا على حياته.

وقال النوري إن الأطفال الأربعة ذهبوا إلى النقطة الطبية "مدفوعين بالجوع من أجل الحصول على مكمل غذائي، إلا أنهم عادوا شهداء" دون أن يتناولوا "المكملات حلوة المذاق".

وأشار إلى أن "سراج" يرقد في المستشفى "بين الموت والحياة" لمجرد أنه كان يشتهى المكمل الغذائي لأن "طعمه حلو".

ويحرم المرضى والجرحى في قطاع غزة من السفر للعلاج بالخارج بسبب إغلاق الاحتلال للمعابر والقيود المشددة على السفر باستثناء عدد قليل جدا من المرضى الذين يغادرون بتنسيق من منظمة الصحة العالمية.

وفي 6 حزيران/ يونيو الماضي، قالت مصادر طبية في غزة إن 25 ألف مريض وجريح في القطاع بحاجة للعلاج بالخارج ولم يتمكنوا من السفر منذ بدء الإبادة الجماعية بغزة.

ومنذ الثاني من آذار/ مارس الماضي، تغلق قوات الاحتلال معابر غزة أمام شاحنات مساعدات مكدسة على الحدود، ولا تسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات بينما يحتاج المواطنون في القطاع إلى 500 شاحنة يوميا كحد أدنى.

ومنذ السابع من أكتوبر 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة أكثر من 199 ألفا بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.

ــ

م.ج

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا