رام الله 19-5-2025 وفا- نظم مركز الأبحاث الفلسطيني، اليوم الاثنين، ندوة ناقش فيها ورقة بحثية بعنوان: "الخطط غير الفلسطينية لإعادة إعمار غزة: تهميش للدور الفلسطيني أم بالشراكة معه؟، قدمها مدير مركز كارتر في فلسطين الباحث جورج زيدان، بمشاركة نخبة من الباحثين والمتخصصين وممثلي المؤسسات الرسمية والأهلية.
وشارك في النقاش كل من: مستشار رئيس الوزراء السابق لشؤون التخطيط وتنسيق المساعدات، إسطفان سلامة، ووزير الأشغال العامة السابق، رئيس لجنة إعمار غزة سابقا، محمد زيارة، فيما أدار الندوة مدير مركز الأبحاث الفلسطيني منتصر جرار.
وسلّطت الورقة الضوء على عدد من الخطط والمبادرات التي اقترحتها جهات دولية بشأن مستقبل إعادة الإعمار في قطاع غزة، في أعقاب الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
وتناولت الورقة مقارنة بين ثماني خطط بارزة، كما استعرضت خططا أخرى، مشيرة إلى أن معظمها يقصي السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، ويفترض إسناد أدوار التنفيذ والإشراف إلى جهات خارجية.
وأظهرت الورقة أن هذه الخطط دُعمت من قبل مؤسسات لا تؤمن بحل الدولتين، ولا بحقوق الشعب الفلسطيني، بل تعارض السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية، ولا تطرح أي حل سياسي يضمن إنهاء الحرب أو الوصول إلى تسوية شاملة.
ولفتت إلى أن هذه المبادرات لا تتطرق إلى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي مارسته إسرائيل في غزة، ولا تشير إلى الربط الجغرافي والسياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
كذلك، أكدت الورقة أن معظم الخطط تربط إعادة الإعمار بشروط أمنية إسرائيلية مشددة، دون أي التزام برفع الحصار أو الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية.
وفي النقاشات التي أعقبت عرض الورقة، شدد المتحدثون على أن الخطر الحقيقي يتمثل في "إعادة إعمار غزة دون أهلها"، أي بدون إشراك السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية ومؤسساتها، ودون تمثيل شعبي حقيقي، محذرين من أن بعض الخطط، رغم طابعها الإنساني المعلن، تخفي مشروعا سياسيا يعيد تشكيل المشهد الفلسطيني ويُضعف وحدة القرار الوطني، ويُجهض فرص الاستقلال الفعلي.
وخلصت الندوة إلى مجموعة من التوصيات، من أبرزها رفض أي خطة إعمار لا تنطلق من توافق وطني شامل. وصياغة رؤية فلسطينية موحدة تقودها المؤسسات الرسمية الفلسطينية، وتربط بين الإعمار والتحرر السياسي، ووضع خطة ذات طابع سيادي وتنموي تحفظ الاستقلال المالي والإداري، وتستند إلى الشفافية والرقابة الوطنية، مع رفض الوصاية الدولية أو الحلول المؤقتة التي تمس السيادة الفلسطينية، والدعوة إلى رقابة دولية مهنية ومحايدة على التمويل وآليات التنفيذ، بعيدا عن أي أجندات سياسية.
كما أكدت الندوة في توصياتها ضرورة تحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن الدمار والقتل في غزة.
ودعا المتحدثون إلى ضرورة انسجام أي خطة إعمار مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، وأن تكون أي خطة تهدف إلى منع التهجير وضمان حرية دخول البضائع وتسهيل حياة الفلسطينيين.
وشددوا على ضرورة الإبقاء على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) باعتبارها أداة للإغاثة والتنمية، وحافظة للذاكرة الوطنية الفلسطينية، ومواجهة الحرب التي تشن عليها، في الوقت الذي يستمر فيه تدمير المخيمات والقرى في الضفة الغربية، داعين إلى الدفاع عن دورها الحيوي في هذا السياق.
وأكد مركز الأبحاث الفلسطيني أن إعادة إعمار غزة يجب أن يكون بوابة لتعزيز الوحدة الوطنية لا وسيلة لفرض حلول مجتزأة أو إعادة إنتاج واقع الهيمنة، وأن تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره سياسيا واقتصاديا هو المدخل الحقيقي لأي عملية إعمار مستدامة وعادلة.
ــــــ
و.أ