الأغوار 18-5-2025 وفا- الحارث الحصني
منذ يوم الخميس الماضي، ينتظر المواطن سلامة علي فقير في تجمع الميتة بالأغوار الشمالية، وصول صهريج مياه الشرب، لسد ظمأه وماشيته.
ومنذ ذلك الحين، يبذل فقير جهدا مضاعفا لتأمين احتياجه اليومي من المياه، سواء للاستخدام المنزلي أو سقاية ماشيته.
لكن حتى إعداد هذه المادة، قال فقير لــمراسل "وفا" إن فرصة حصوله على المياه هذا اليوم تكاد تكون مستحيلة، لأسباب متعلقة بقلة مصادر المياه المتاحة مقارنة بعدد العائلات التي تنتظر دورها.
إن ما يجعل الحاجة إلى المياه بشكل مضاعف هذه الأيام، مرهون بشكل أساسي بالعاملين البشري المتعلق بالدرجة الأولى بالاحتلال والمستعمرين، والطبيعي المرهون بارتفاع درجات الحرارة.
في الأغوار الشمالية الواقعة ضمن الامتداد الجغرافي الأكثر انخفاضا بالعالم، تقترب درجات الحرارة هذه الأيام من الأربعين، وربما تصل أكثر من ذلك بقليل.
قال فقير: "وجودنا هنا مرتبط بالأساس بوفرة المياه".
كان الحصول على المياه في الأوضاع الطبيعية بالنسبة للتجمعات السكانية في الأغوار الشمالية، في متناول اليد، فانتشار عدد من الينابيع وامتلاك معظم العائلات الفلسطينية الصهاريج التي تسحبها الجرارات الزراعية، جعل الأمر سهلاً.
لكن، في العامين الماضيين أصبح الحصول على المياه أكثر تعقيدا.
ورغم انتشار عدد من ينابيع المياه قرب خيام المواطنين في مناطق مختلفة من الأغوار الشمالية، لا يعني ذلك فرصة جيدة للعائلات من أجل الحصول على المياه.
يقول رئيس مجلس قروي المالح والمضارب البدوية مهدي دراغمة، إن معظم الينابيع الفعالة في الأغوار الشمالية أصبحت تحت سيطرة كاملة أو شبه كاملة للمستعمرين.
وأصبح منظر توافد عائلات بأكملها عند تلك الينابيع، أكثر انتشارا من السابق.
يقول فقير، وهو شاب من سليل عائلة تمتهن تربية الماشية، إن مستعمرين من البؤر الاستعمارية القريبة منهم يداومون على الحضور قرب الينابيع.
وفي الأوقات التي يستطيع فيها المواطنون الوصول إلى تلك الينابيع، يجعل الجرارات الزراعية، والصهاريج تحت أنظار المستعمرين الذين يستولون عليها.
تقول إحصائية نشرت على الموقع الالكتروني لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إن المستعمرين نفذوا 231 عملية تخريب وسرقة لممتلكات فلسطينيين.
خلال الأعوام الماضي مددت العائلات في تجمع الميتة أنابيب من الينابيع باتجاه خيامهم. وبتقديرات ليست رسمية مصدرها العائلات ذاتها، كانت تسحب يوميا قرابة 6 أمتار مكعبة من المياه.
لكن العام الحالي، مع شح مياه الأمطار، واعتداءات الاحتلال والمستعمرين، يتعذر على العائلات في بعض الأيام الحصول سوى على 3 أكواب من المياه.
يلعب الحظ دورا كبيرا في حصول المواطنين على تلك المياه من الينابيع المنتشرة. الأمر يحتاج أن يغيب المستعمرون وجنود الاحتلال عن المنطقة فقط.
في ورقة تعريفية عن المياه الأغوار، نشرت على مركز المعلومات الفلسطيني، فإن عدد الينابيع الرئيسية في الأغوار، يقدر بحوالي 22 ينبوعا، تتغذى مياهها من الطبقات المائية الجبلية؛ فيما يقدر المعدل العام للتدفق السنوي لهذه الينابيع بحوالي 44 مليون م3/السنة.
وتستغل مياه هذه الينابيع في أغراض الزراعة والشرب.
بالنسبة لــفقير، إن شح المياه دافع مقنع لبعض العائلات لترك خيامها والرحيل لمناطق يمكن الحصول فيها على كميات وافرة من المياه.
مواطنون من التجمع الذي يعيش أياما ملتهبة، قالوا إنهم يحتاجون في الأجواء العادية 6 أكواب من المياه للشرب وري مواشيهم، ومع ارتفاع الحرارة تزداد الحاجة للمياه لتصل إلى 9 أكواب يوميا.
أصبح حصول العائلات في تجمع الميتة، على الحد الأدنى من مياه الينابيع شيئا فيه بعض الاستحالة.
يقول فقير: "في الليل يظل المستعمرون قرب الينابيع، يعطبون إطارات الصهاريج، ويسرقونها، في النهار يمنعوننا بحماية جيش الاحتلال من الاقتراب من تلك الينابيع".
خلال الشهرين الماضيين، سرق المستعمرون صهريجا لإحدى العائلات في الميتة، وأعطبوا إطارات الصهاريج التي تنقل المياه.
يعطي الوصول إلى هذا الحد من فقدان المياه، دافعا مقنعا لدى العائلات للرحيل.
في الأسابيع الماضية رحلت عائلتان من المنطقة باتجاه التخوم الشرقية لقرية تياسير، هناك يمكن الحصول على المياه"، قال فقير.
ــــــ
ح.ح/ م.ع