أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 26/03/2025 01:52 م

تغيير البنية الهيكلية الاستعمارية في إدارة الضفة.. وقائع جديدة لتنفيذ الضم

 

طوباس 26-3-2025 وفا- إسراء غوراني

خلال العامين الأخيرين، ومنذ صعود حكومة ائتلاف اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم لدى الاحتلال، بدأت تظهر على أرض الواقع في الضفة الغربية حقائق ومعطيات في غاية الخطورة تشير إلى وصول مشاريع الاستيلاء الاستعماري والضم إلى أقصى مراحلها، المتمثلة في تصاعد عمليات التهجير القسري بشكل لافت، خاصة للتجمعات البدوية في مناطق السفوح الشرقية، بالإضافة إلى تصاعد الاستيلاء على الأراضي بوتيرة هي الأعلى منذ عقود، وزيادة إقامة البؤر الاستعمارية الرعوية، فضلا عن تصاعد اعتداءات المستعمرين.

كما خطت حكومة الاحتلال خطوات غير مسبوقة مؤخرا، في مجال إحكام السيطرة الاستعمارية على الضفة تمهيدا لضمها الكامل، وتمثل ذلك في العمل على تغيير البنية الهيكلية لما تسمى "الإدارة المدنية"، عبر تحويل المسؤوليات فيها من المدراء العسكريين إلى مدراء مدنيين، إذ تم تعيين المستعمر المتطرف هيليل روث نائبا لرئيس "الإدارة المدنية" خلال شهر أيار/ مايو من العام الماضي، فيما شرعت سلطات الاحتلال بعد ذلك بسلسلة انتهاكات متسارعة على الأرض لخلق وقائع يصعب تغييرها.

ويعتبر مختصون ذلك من أبرز المؤشرات على الضم الفعلي للضفة عبر نقل الصلاحيات والسلطات في "الإدارة المدنية" من جيش الاحتلال إلى المستعمرين، وهي خطوة تكمن خطورتها في الالتفاف على القوانين الدولية التي تنص على أن الضفة الغربية هي أرض محتلة يُمنع تغيير الوقائع فيها.

في هذا السياق، يشير الباحث في مركز أبحاث الأراضي رائد موقدي إلى أن الاحتلال يعمل على إحداث تغيير جوهري في نظام عمل "الإدارة المدنية"، بما يساهم في تعزيز قبضته على الضفة، معتبرا ذلك بمثابة التفاف على وضع هذه الأراضي باعتبارها أراضي محتلة وفقا للقانون الدولي، إذ يسعى من خلال ذلك إلى تسهيل فرض مخططات تنظيمية فيها تخدم التوجه الاستعماري، وإعطاء صفة شرعية للمستعمرات، وتمكين الجماعات الاستعمارية من الاستيلاء على أراضٍ جديدة وصولا إلى تطبيق مشروع الضم.

وينوه في حديثه لـ"وفا" إلى أن تغيير البنية الهيكلية للإدارة المدنية سيتيح للاحتلال صياغة قوانين جديدة تسمح للمستعمرين بتملك الأراضي في الضفة، وإيداع مخططات تنظيمية جديدة بما يتماشى مع المصلحة العليا للتوسع الاستعماري، وإنشاء بنية تحتية حديثة تخدم النشاطات الاستعمارية في المنطقة.

شواهد خطيرة

وتجري على الأرض في العديد من مناطق الضفة الغربية مؤخرا شواهد ومؤشرات متسارعة تؤكد أن سلطات الاحتلال انتقلت إلى مراحل متقدمة وأكثر خطورة فيما يتعلق بمشاريع الضم وفرض السيادة الاستعمارية، ومنها انتقال مشاريع التوسع الاستعماري إلى مناطق لم تكن مستهدفة سابقا.

وباتت سلطات الاحتلال تستهدف مؤخرا أراضي في المناطق المسماة (ب) وفقا لاتفاقية أوسلو في مشاريع الاستيلاء والتوسعة الاستعمارية، ولم يعد يقتصر ذلك على المناطق المسماة (ج)، إذ تم توثيق العديد من عمليات التعدي على أراضي (ب) خلال الأشهر الأخيرة بذرائع عدة، وفقا لموقدي، وأهمها الذرائع الأمنية بسبب قربها من طرق استعمارية.

ومن أشكال توسيع الاستهداف الاستعماري بالضفة إلى مناطق جديدة، ما تم توثيقه خلال الشهر الجاري، إذ وزعت سلطات الاحتلال إخطارات إخلاء لأراضٍ زراعية بحجة الاعتداء على "أراضي الدولة" في عدة بلدات وقرى بمحافظة جنين منها: السيلة الحارثية، واليامون، وجلبون، والعرقة، وهذه الإخطارات طالت حتى الآن أكثر من 400 دونم، وفقا لما وثقه موقدي، موضحا أن المزارعين يستغلون هذه الأراضي المصنفة على أنها أراضي خزينة منذ فترة الحكم الأردني للضفة، كما أنهم  ينتفعون منها منذ عقود بناءً على اتفاقيات تفويض واستئجار، مؤكدا أن ما قام به الاحتلال من إخطارات يعني أنه أعطى نفسه حق التصرف في هذه الأراضي واعتبرها تابعة له بموجب القرارات الجديدة التي بدأ يتّبعها في أعقاب العمل على تغيير هيكلية "الإدارة المدنية".

وأكد أن جميع المؤشرات الميدانية تقول إن هناك خطرا كبيرا على أغلبية الأراضي الفلسطينية في الضفة من المشاريع الاستعمارية الأخيرة، مضيفا أن مستعمرات الضفة كافة دون استثناء بدأت بوضع مخططات تنظيمية حديثة، وهذه المخططات تتعدى مساحة المستعمرة القائمة إلى المساحات المحيطة بها، بالإضافة إلى الطرق الواصلة إليها والرابطة بين التجمعات الاستعمارية.

الانتهاكات الأخطر منذ عقود

واعتبر موقدي، الذي يتابع التعديات والانتهاكات الاستعمارية بالضفة ويوثقها منذ أكثر من 20 عاما، أن ما تنفذه حكومة اليمين بزعامة نتنياهو ووزير ماليته المتطرف بتسلئيل سموتريتش منذ توليها قبل أكثر من عامين وحتى الآن هو الأخطر منذ عقود، وما يدلل على ذلك التسارع الكبير وغير المسبوق في الاستيلاء على الأراضي تحت مسميات متعددة وأبرزها: أراضي الدولة والمحميات الطبيعية، وتضاعف عدد البؤر الاستعمارية الرعوية بشكل ملحوظ، وشق الطرق المتواصل، والنمو الاستعماري المخيف، وصولا إلى تغيير البنية الهيكلية للإدارة المدنية.

والمتابع لآخر المستجدات على أرض الواقع في الضفة الغربية، خاصة في مناطق السفوح الشرقية، يلاحظ عمق الكارثة المحدقة بالمنطقة، فخلال العامين الماضيين، كانت هذه المناطق التي تسكنها تجمعات بدوية ورعوية هي الأعلى استهدافا بمشاريع الاستيلاء والتهجير، وقد تصاعدت عمليات التهجير تزامنا مع حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة.

كما تم توثيق تهجير العديد من التجمعات من هذه المناطق بسبب عنف المستعمرين المدعوم رسميا من دولة الاحتلال، إذ قاد المستعمرون عمليات تهجير هذه التجمعات عبر إقامة بؤر رعوية في محيطها، واتخاذها نقاط انطلاق للاعتداءات وأعمال الإرهاب التي أدت في نهاية المطاف إلى تهجير 29 تجمعا تزامنا مع العدوان على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتى الآن، وفقا لإحصائيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

وعن مستقبل الحياة وصورة الوجود الفلسطيني في الضفة بناءً على هذه المخططات الاستعمارية، يرى موقدي أن الوضع قاتم جدا، مشيرا إلى أن المدن والقرى الفلسطينية باتت محاصرة من كل الجهات بالمستعمرات والأنشطة الاستعمارية، وبالتالي قتل إمكانية التوسع الطبيعي، ما يعني الانفجار السكاني، وتحول المدن الفلسطينية إلى "كنتونات" معزولة ومنفصلة عن بعضها.

ويضاف إلى ذلك انعدام إمكانية وصول الفلسطينيين إلى مواردهم الطبيعية من مياه وغيرها، وانعدام فرص تطوير البنى التحتية، ما يجعل التجمعات الفلسطينية غير قابلة للحياة، كما يتزامن ذلك مع زيادة عدد الحواجز والبوابات التي تقطع أوصال الضفة الغربية، والتي بلغ عددها وفقا لمعطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان 898 حاجزا وبوابة.

كما نشرت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ورقة بحثية خلال شهر شباط/ فبراير الماضي بعنوان: "تغيير البنية الهيكلية لما يسمى "الإدارة المدنية الإسرائيلية" وتداعيات ذلك على التوسع الاستعماري في الضفة الغربية".

وتشير الورقة إلى "أن الخطر الحقيقي في مسألة تغيير هيكلية الإدارة المدنية الإسرائيلية يكمن في انعكاسات ذلك على المستويين السياسي والاقتصادي، حيث سيصبح من السهولة بمكان احتمالية هدم آلاف المنشآت الفلسطينية المخطرة فعلا بالهدم، عدا عن خلق حالة يأس في نفس المواطن الفلسطيني من إصدار تصاريح البناء التي تكاد تكون أشبه بالمستحيلة. فعلاوة على السيطرة على كل ما يتعلق بالاستيطان ومنع البناء الفلسطيني في المنطقة (ج)، فقد كُشف النقاب عن قرار شرعنة 63 بؤرة استعمارية وتخصيص 85 مليون شيقل لحماية هذه البؤر والإعلان عن 24,193 ألف دونم كأراضي دولة وتخصيص مليار شيقل لأمن المستعمرات و7 مليارات شيقل لشق طرق التفافية استعمارية".

وتضيف أن "هذا التغيير الجوهري في نظام السيطرة على الفلسطينيين من خلال نقل صلاحيات الحكم من الجيش إلى السلطات الحكومية الإسرائيلية يكشف نوايا حكومة نتنياهو وسموتريتش، بالمضي قدما في تنفيذ الضم الفعلي للضفة الغربية على نطاق واسع وغير مسبوق".

مخالفة القوانين الدولية

وحول مشروعية هذه الخطوة وفقا للقانون الدولي، تؤكد هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن ذلك مخالف بشكل صريح للقوانين الدولية، إذ تشير الورقة البحثية إلى أن المادة 43 من قواعد لاهاي تنص على أنه "إذا انتقلت القوة الشرعية بصورة فعلية إلى يد قوة الاحتلال، يتعيّن على هذه الأخيرة، قدر الإمكان، تحقيق الأمن والنظام العام وضمانه، مع احترام القوانين السارية في البلاد". كما تمنع لوائح لاهاي، التي تُعتبر القاعدة المرجعية في العلاقات بين الاحتلال والفلسطينيين، قوة الاحتلال من إجراء تغييرات كبيرة في الأرض المحتلة إلا لأسباب أمنية. واستنادا إلى ذلك، فإن الضفة الغربية تخضع للقانون الدولي بما فيه قواعد لاهاي، ما يجعل ضم المزيد من المناطق المسماة (أ) و(ب) غير قانوني. كما تنص الفقرة السادسة من المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة، التي صادقت عليها إسرائيل في عام 1951، على أنه: "لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحّل أو تنقل جزءًا من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها".

وعن دور هذه الخطوة في إطار خطة سموتريتش لحسم الصراع وضم الضفة بالكامل، توضح الورقة "أن تعيين نائب مدني لرئيس الإدارة المدنية يعني ضمنيا نقل إدارة أراضي الضفة الغربية من (الإدارة المدنية) إلى هيئة حكومية تتبع إدارة الاستيطان في وزارة الجيش، الذي من شأنه استكمال خطة سموتريتش لحسم الصراع، وضم الضفة بالكامل للسيادة والسيطرة الإسرائيليتين. كما أن هذا الهيكل الإداري الجديد للإدارة المدنية من شأنه زيادة الأنشطة الاستعمارية، والبناء السريع للبنية الأساسية الإسرائيلية، وهدم المباني الفلسطينية. وبهذا تكون حكومة الاحتلال قد استبدلت الوضع الراهن ممهدة للحكم الإسرائيلي على المنطقة، وهو ما يعني (الضم) بحكم الأمر الواقع...".

تبعات كارثية

وحول انعكاسات ذلك على المواطن الفلسطيني، تؤكد الهيئة أن "هذا التغيير تبعه نتائج وانعكاسات سلبية على المواطن الفلسطيني الذي أصبح مقيدا في حركته وتنقله بين المدن في الضفة الغربية بسبب الزحف الاستعماري المستمر على الأراضي الفلسطينية... ولأن هذا الهيكل الإداري الجديد يسهل زيادة الأنشطة الاستعمارية والبناء السريع للبنية الأساسية الإسرائيلية وهدم المباني الفلسطينية، تكون إسرائيل قد نجحت في خلق نظام الفصل المبني على التمييز في الأراضي المحتلة، وهو ما يذكرنا بأنظمة قائمة من الماضي كنظام التفرقة العنصرية (الأبرتهايد) الذي ساد في جنوب إفريقيا. والدليل على ذلك، أن حكومة الاحتلال قد صادقت في أواخر حزيران/ يونيو لعام 2024 على أوسع عملية استيلاء على أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة منذ أكثر من ثلاثة عقود (12.7 كم مربعا) في وادي الأردن، وهي المساحة الأكبر منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993. كما أعلن سموترتش مفتخرا أن الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في عام 2024 قد تجاوز المعدلات السنوية السابقة بعشرة أضعاف. إضافة إلى ذلك وجه تعليماته بالاستعداد لاستقبال 500 ألف مستعمر في الضفة الغربية...".

كما أوردت الهيئة معطيات تفصيلية عن الوضع الحالي في الضفة الغربية في ظل حكومة نتنياهو منذ بداية العدوان على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إذ تم إنشاء ما لا يقل عن 43 بؤرة استعمارية جديدة، معظمها بؤر استعمارية زراعية (رعوية)، بالإضافة إلى إنشاء العديد من الطرق الجديدة غير القانونية، بطول إجمالي يقدر بعشرات الكيلومترات، وذلك لتسهيل إنشاء بؤر استعمارية جديدة والسيطرة على أراضٍ إضافية.

كما تشير المعطيات ذاتها إلى أن ما يسمى "مجلس التخطيط الأعلى" قدم مخططات هيكلية لبناء 8681 وحدة استعمارية في المستعمرات، فيما تم إعلان 24,193 دونماً كأراضي دولة، أي ما يعادل نصف إجمالي الأراضي المعلنة أراضي دولة منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 حتى الآن.

وتضيف المعطيات أن "المجلس الوزاري المصغر" في حكومة الاحتلال قرر في الفترة ذاتها إنشاء خمس مستعمرات جديدة: "أفيتار"، و"جفعات أساف"، و"سدي أفرايم"، و"أدورايم"، و"نحال هيلتز". "وكل هذه المستعمرات هي حالياً بؤر استعمارية غير قانونية، وسوف تصبح الآن مستعمرات قانونية، بالإضافة إلى الاعتراف بـ70 بؤرة استعمارية غير قانونية على أنها مؤهلة للتمويل والبنية التحتية، وفي الخليل تم إيداع مخطط هيكلي لإنشاء بؤرة استعمارية جديدة تضم 234 وحدة استعمارية شمال مستعمرة كريات أربع"، وفقا لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

وحول التمويل والميزانيات، توضح الهيئة أن "حكومة الاحتلال ضاعفت ميزانية وزارة المستعمرات والأموال المخصصة لقسم الاستعمار، بإضافة 302 مليون شيقل، وتخصيص 7 مليارات شيقل للطرق في المستعمرات، وتخصيص 409 مليون شيقل لـ"مشاريع نوعية" في المستعمرات، وتم تخصيص 75 مليون شيقل للبؤر الاستعمارية غير القانونية، بما في ذلك حوالي 39 مليون شيقل  للمستعمرات الرعوية على الرغم من أن بعضها متورط في عنف المستعمرين (وهذه هي المرة الأولى التي تمول فيها الحكومة الإسرائيلية البؤر الاستعمارية غير القانونية بشكل مباشر من خلال الوزارات الحكومية)".

وضع ديموغرافي جديد

بدورها، أصدرت الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والأبرتهايد الإسرائيلي تقريرا بداية الشهر الجاري عن التغيرات في البنية الهيكلية الاستعمارية في إدارة الضفة الغربية بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وتطرقت خلاله إلى عمل سلطات الاحتلال على "إسقاط وضع ديموغرافي جديد في الضفة الغربية من خلال إعادة تشكيل التوزيع السكاني والسيطرة على الأراضي، وتغيير الهوية البصرية الوطنية للمخيمات بالشكل الذي يؤدي إلى إنهاء قضية اللاجئين التي تُعد من أُسس القضية الفلسطينية".

كما تناول التقرير قيام سلطات الاحتلال "بتوسيع المخططات الهيكلية للمستعمرات القائمة والسيطرة على الأراضي بحجج واهية وإنشاء بؤر جديدة، بالإضافة إلى نقل مسؤولية الإدارة المدنية وتنسيق أعمال الحكومة (حكومة الاحتلال) في الضفة الغربية من ما يسمى وزير الجيش إلى وزير المستعمرات، ويعني ذلك نقل إدارة المستعمرات في الضفة الغربية والقدس الشرقية من يد الجيش إلى مسؤولية السلطة المدنية الإسرائيلية، وتعيين نائب مدني يتمتع بصلاحيات واسعة في إدارة المستعمرات...".

وتؤكد الحملة الأكاديمية الدولية أن "التغيرات الجوهرية في عملية نقل السيطرة إلى إدارة مدنية، والتي يتم تنفيذها بوتيرة ممنهجة في ظل حرب الإبادة على قطاع غزة، تستهدف بمحصلتها النهائية تنفيذ عملية الضم الفعلي للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية على أوسع نطاق. وبالتالي، تنعكس نتائج هذه العملية بشكل كبير على أداء أجهزة دولة فلسطين المدنية والأمنية وتقليص عملها وتقويض صلاحياتها وخاصة في المناطق المسماة (ب) و(ج)".

خطوات متتالية لتكريس الضم

ولم تتوقف الخطوات المتتالية التي ينتهجها الاحتلال لتكريس واقع الاستعمار وضم الضفة على ذلك، فقد قررت سلطات الاحتلال، مطلع الأسبوع الجاري، فصل مجموعة من الأحياء الاستعمارية التابعة للمستعمرات واعتبارها مستعمرات منفصلة.

واعتبر رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان في بيان صادر عن الهيئة أن ذلك "يمثل خطوة جديدة من شأنها تعزيز الاستعمار الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية"، مبينا أن "دولة الاحتلال قررت تحويل 13 حيا استعماريا تتبع لمستعمرات، إلى مستعمرات تحظى بكل الامتيازات والخدمات التي تقدمها حكومة الاحتلال للمستعمرات، في خطوة جديدة تستهدف الجغرافية الفلسطينية بالعبث والتمزيق".

"وتقع 4 من الأحياء المعلن عنها في محافظة رام الله، وتحديداً بجانب مستعمرة تلمون، و4 أخرى في محافظة بيت لحم، فيما يتموضع حيان في محافظة سلفيت، وآخر في نابلس وآخر في جنين والأخير في طوباس"، وفقا للبيان الصادر عن الهيئة الذي أوضح أيضا "أن معظم هذه الأحياء أقيم كبؤر استعمارية غير قانونية قبل عقدين من الزمن، ثم تولت دولة الاحتلال تحويل هذه البؤر إلى أحياء في تحايل واضح على القانون الدولي والموقف الدولي الرافض للبناء الاستعماري الاستيطاني".

وتابع شعبان أن "حكومة اليمين المتطرف تواصل منذ اليوم الأول تنفيذ مخططات السيطرة على الأراضي الفلسطينية، والإعلان بشكل واضح عن نيتها تنفيذ مخططات الضم وفرض السيادة وتمزيق الجغرافية الفلسطينية، في تحدٍ واضح وسافر لكل القوانين الدولية التي جرّمت هذا السلوك"، مطالبا "المجتمع الدولي بالتدخل بشكل واضح وحقيقي وفعال لمعاقبة دولة الاحتلال على انتهاكاتها وتحديها للمقررات الدولية التي كان آخرها الرأي الاستشاري الرفيع لمحكمة العدل الدولية بخصوص وضع الاحتلال والاستيطان الاستعماري، إضافة إلى قرار مجلس الأمن رقم 2334 عن عدم شرعية الاستيطان وبطلان وقائعه على الأرض".

ـــــ

ع.ف

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا