رام الله 18-10-2023 وفا- معن الريماوي
لم يتمالك أحمد نفسه عندما سمع بالمجزرة التي حلت بالمستشفى المعمداني في قطاع غزة، فخرج مع عشرات الشبان الغاضبين في مسيرة منددة بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق أبناء شعبنا.
كان أحمد الريماوي (25 عاما) من بلدة بيت ريما شمال غرب رام الله، يتقدم المشاركين في المسيرة التي خرجت باتجاه مستعمرة "حلميش"، ويهتف بصوت عالٍ، لكن قناص الاحتلال لم يمهله طويلا، بل أطلق عليه الرصاص، ما أدى إلى إصابته برصاصة مباشرة في الصدر. نُقل أحمد إلى مستشفى الشهيد ياسر عرفات في سلفيت، وأُعلن عن استشهاده فيما بعد.
في وداع أحمد، لم تتسع ساحة المنزل الخارجية للمشيعين، ومنهم من اعتلى أسطح المنازل المحيطة، فيما جلست فاتنة التي توشحت بالسواد أمام جموع النسوة في انتظار جثمان نجلها الأصغر للوداع الأخير.
ساد صمت في المكان لكنه لم يدم طويلًا، فما إن اقترب المشيعون حتى سارعت النساءإلى إطلاق الزغاريد الممزوجة بالنحيب والبكاء، بينما بقيت فاتنة في مكانها، لا تقوى على الحركة.
اقتربت من رأسه عندما وُضع الجثمان أمامها، وأخذت تتحسس وجهه بيد، وتقبله، فيما راحت اليد الأخرى ترتب لحيته بالمشط الذي كانت تمسكه، وصوت نحيبها يعلو، وأخذت تردد "الله يرحمك يما.. الله يرحمك يا حنون"، وتتمتم بكلام اختفى وراء النحيب، بينما وضعت شقيقته الوحيدة شيماء رأسها على صدره وأجهشت بالبكاء، أما والده معين فلم يتمالك نفسه.
اقترب صهيب من والدته ووضع يده على كتفها وهو يردد "زغردي يما.. ابنك استشهد"، قبل أن يُحمل النعش مرة أخرى ويخرج من بوابة المنزل الحديدية للمرة الأخيرة.
أخذت فاتنة تنادي بصوت عالٍ على ابنها قبل أن يختفي عن الأنظار "رح اشتقلك يما.. رضى ربي ورضى قلبي"، ثم اشتد بكاؤها، فأحمد لن يعود من هذا الباب مرة أخرى.
"تملكني إحساس منذ عدة أيام بأنه سيحدث أمر ما لأبنائي، وها هو اليوم أحمد شهيد" قالت أم صهيب لوالدة الشهيدين جواد وظافر التي قدمت لتواسيها وتخفف عنها مصابها.
عم الحزن على فراق أحمد، كيف لا وقد أحبه الصغير قبل الكبير لطيبته، وعفويته، وابتسامته التي لم تفارق محياه. فهو الشهيد الرابع في القرية خلال أقل من عام، بعد استشهاد الشقيقين جواد وظافر وضياء العام الماضي.
يقول صديقه حسين، "أحمد هو صديق الطفولة والمدرسة، ورفيق الدرب أينما ذهبت وحللت، ولا أتصور أو أتخيل أني لن أراه بعد اليوم.. رحل الشيخ كما كان يُحب أن ينادى".
وتابع: أحمد كان مثابرًا ومجتهدًا، وكان يعمل مع إخوته الثلاثة في الحدادة، وكان يتقن عمله جيدًا، ولذلك أحبه الناس، وأحبوا عمله".
وأردف: نحن لا نملك أن نقدم للوطن ولا للقضية إلا هذا الدم الزكي، وهذا أحمد قدم دمه نصرة لنداء الوطن، وقد اعتُقل في عام 2018 وأمضى نحو عام في سجون الاحتلال.
ــــــــ
م.ر