رام الله 1-5-2025 وفا- نظّمت دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير الفلسطينية، بالشراكة مع منتدى فلسطين وجامعة القدس، ندوة سياسية فكرية بعنوان: "الفكر الفلسطيني في مواجهة الفكر الصهيوني وآثاره الاستعمارية"، وذلك في مقر منظمة التحرير بمدينة رام الله، بحضور شخصيات سياسية وأكاديمية وثقافية بارزة، ومشاركة عبر تقنية "زوم".
وهدفت الندوة إلى تسليط الضوء على ضرورة إعادة الاعتبار للفكر الفلسطيني التحرري في مواجهة الفكر الصهيوني الذي تأسس كحركة استعمارية إحلالية قائمة على العنصرية والتطهير العرقي.
وشدد وكيل دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير الفلسطينية قاسم عواد، على أهمية العمل التراكمي المنهجي في مواجهة الفكر الصهيوني على مختلف المستويات، لا سيما في الحقل القانوني، باعتباره أحد ميادين النضال الأساسية.
وأشار إلى أن مواجهة الفكر الصهيوني لا تقتصر على الجوانب التاريخية والثقافية، بل تمتد لتشمل النضال القانوني والسياسي والإعلامي، داعيا إلى تعزيز حضور الخطاب القانوني الفلسطيني في المحافل الدولية، وتوثيق الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
بدوره، قدم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فيصل عرنكي، قراءة تحليلية في جذور الدعم الغربي للمشروع الصهيوني.
وقال: "إن المشروع الصهيوني أُنشئ في فلسطين كمصلحة استراتيجية للغرب، تمت تغطيتها بسردية دينية زائفة، تربط بين الأرض والسماء زورًا، لتبرير الاستعمار والنهب المنظم لموارد الشعوب".
وأضاف أن مسؤوليتنا كفلسطينيين هي كشف هذه التركيبة الزائفة، وتعريتها أمام الشعوب، لا سيما في الغرب، التي تتعرض لخداع إعلامي وديني يصوّر إسرائيل كضحية، بينما هي رأس حربة استعمارية في قلب المنطقة.
وفي مداخلة عبر تقنية "زوم"، قال رئيس منتدى فلسطين منيب رشيد المصر، إن مواجهة المشروع الصهيوني لا تكتمل دون بناء منظومة وعي وطني شاملة، تبدأ من التعليم وتنتهي في الفعل السياسي والثقافي والمجتمعي.
وأضاف، أن إعادة إنتاج الوعي الفلسطيني وتثبيته في أذهان الأجيال هو خط الدفاع الأول في معركة الوجود.
ودعا المصري، إلى تبني برنامج وطني لإعادة الاعتبار للفكر الفلسطيني التحرري، بحيث يكون جزءا من خطة شاملة لإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير وتعزيز دورها في معركة الوعي والسيادة.
من جانبه، تناول أستاذ القانون الدولي ووزير العدل السابق محمد الشلالدة، البُعد القانوني في مواجهة الفكر الصهيوني، مؤكدًا أن القانون الدولي لا يزال يحتفظ بأدوات يمكن تسخيرها في هذه المواجهة.
وأشار إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 الصادر عام 1975، والذي اعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، وقال: "هذا القرار، رغم إلغائه عام 1991، لا يزال يمثل مرجعية معنوية وقانونية هامة، ويجب العمل على استعادته أو على الأقل استخدام مضامينه في المحافل الدولية".
وأكد أن المواجهة القانونية مع الاحتلال يجب أن تشمل تفعيل كافة الآليات القضائية والحقوقية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، ومجالس حقوق الإنسان، والآليات التعاقدية للأمم المتحدة، مشددًا على ضرورة دعم مؤسسات المجتمع المدني في توثيق الانتهاكات والعمل مع شركاء دوليين.
ومن جانبه، قال المحاضر في جامعة القدس صلاح الهودلية، إن الصهيونية ليست مجرد فكرة دينية أو قومية، بل هي مركّب استعماري متكامل، تم تصميمه ليتماشى مع المصالح الإمبريالية في المنطقة.
وقال: "الصهيونية ليست اسمًا ولا عَلَمًا، بل فكرة زرعها الاستعمار وسقاها المال الغربي، حتى نمت وكبرت وأثمرت على حساب الأرض والإنسان الفلسطيني". وأشار إلى أن هذا المشروع لم يكن لينجح لولا التحالف العضوي بين الرأسمالية العالمية والمؤسسة العسكرية الغربية، التي رعت "إسرائيل" كأداة استعمارية في قلب العالم العربي.
بدوره، قال رئيس جامعة القدس حنا عبد النور إن هذه الندوة هي بداية سلسلة من الندوات تحضيرا لاعتراف مجموعة من الدول الغربية بدولة فلسطين، مضيفا أن تشكيل الفكر الفلسطيني من أجل مواجهة الفكر الصهيوني، هو مشروع ضخم بحاجة إلى جهود جبارة، وأن جامعة القدس تتبنى هذا المشروع، من أجل الوصول الى التحرر الفلسطيني والانعتاق من الاحتلال.
وأضاف عبد النور، أن تجارب القامات الوطنية الفلسطينية التي كان لها أدوار مختلفة من إجل إعلاء صوت الحق الفلسطيني، تشكل قاعدة للمضي قدما لوضع أسس لمركز الفكر الفلسطيني في جامعة القدس.
وفي مداخلة للسفير الأردني الأسبق في فلسطين زياد المجالي، أكد على أهمية وجود منتدى عربي فلسطيني دولي، من أجل تحقيق تطلعات وآمال الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
وخلصت الندوة إلى ضرورة بلورة رؤية فلسطينية شاملة للمواجهة الفكرية والقانونية والسياسية مع المشروع الصهيوني، تشمل تطوير المناهج، دعم البحث الأكاديمي، وتوسيع التحالفات الثقافية والقانونية على المستوى الدولي، كما دعت إلى بناء استراتيجية وعي وطني تبدأ من المدرسة وتمتد إلى الفضاء الرقمي والإعلامي، لإعادة الاعتبار للرواية الفلسطينية كنقيض للفكر الاستعماري الإحلالي.
ــ
إ.ر