الخليل 24-2-2022 وفا- فيديو حمزة الحطاب، وتقرير مها الشيخ
قبل 28 عاماً، ارتكب الإرهابي باروخ غولدشتاين، مجزرة بحق المصلّين في الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل، فقتل العشرات منهم وأصاب عدداً كبيراً بجروح.
فجر ذلك اليوم، الموافق الخامس والعشرين من شباط/ فبراير 1994، كان الطبيب محمد جميل الهشلمون من أوائل من وصلوا إلى الحرم. شاهد جريحاً فحمله بسيارته إلى المستشفى، ولم يكن يعلم بأن مجزرة ارتكبت داخل الحرم.
كان يوماً استثنائياً بالنسبة للطبيب الشاب بعد وصول عشرات الشهداء والجرحى إلى المستشفى، واستنفار الجسم الطبي في محافظة الخليل.
يستذكر الطبيب الهشلمون، الشيخ عطية السلايمة الذي ذهب لدفن عدد من الشهداء، فاستشهد في المقبرة ودفن معهم، ولا ينسى الشاب الرياضي عرفات البايض، الذي تبرّع بالدم للجرحى، لكنه استشهد بعد دقائق أمام المستشفى.
ويقول: رصاصة اخترقت رأس إمام الحرم الإبراهيمي الشيخ جميل النتشة، أودته شهيدا، مشهد علق في ذاكرة الهشلمون، ولم يكن الإمام وحيدا في هذه المجزرة.
لم يُفرق دُعاة الإنسانية بين طفل وعجوز فمحمد كفاح مرقة أصغر الشهداء في المجزرة، استشهد أيضا برفقة والده، الذي تفتت عظام ساعده، والذنب كان آداء الصلاة..!
150 جريحا كان عدد الجرحى داخل الحرم، الأمر الذي استدعى نجدة باقي الأطباء من المحافظات الأخرى، "طلبنا المساعدة على الفور من كل الأطباء الذين لبوا النداء في وقت قياسي"، يضيف الطبيب.
شكل الأطباء فريقا لتوزيع الحالات: الجرحى الذين يحتاجون إلى إجراء عمليات فورية، والجرحى ذوي الإصابات الطفيفة الذين يمكن إسعافهم أوليا، وهناك حالات حولت مباشرة إلى مستشفيات أخرى في الضفة والقدس.
يحاول الطبيب الهشلمون تذكر زملاءه الذين كانوا يحاولون الإبقاء على حياة أكبر عدد ممكن من الجرحى، ومنهم مازن عرفة، وماجد الجابري، وجواد سنقرط، وماجد دويك، وعاصم بيوض، وغيرهم الكثير.
من المواقف التي لم ينساها الهشلمون، "المستشفى كان مليء بالمتطوعين، كل أبناء شعبنا هبوا على قلب رجل واحد للمساعدة بكل الوسائل، فالهم والحزن واحد"، وكذلك أهلنا داخل أراضي الـ48، الذين دعموا بالأدوية والمال والأجهزة".
60 شهيدا روت دماؤهم أرض مدينة الخليل، 29 منهم استشهدوا داخل الحرم الإبراهيمي، و21 في محيط المستشفى، وأثناء تشييع جنازات الشهداء، استشهد 10 آخرين إثر المواجهات مع جنود الاحتلال.
ما يزال الاحتلال الإسرائيلي يحاول، ضمن سياسة ممنهجة، السيطرة على المسجد الإبراهيمي وإلغاء السيادة الفلسطينية، وإلغاء اعتباره وقفا إسلاميا خالصا، ففي عام 2020 أغلق الاحتلال المسجد الإبراهيمي 77 يوما ومنع رفع الآذان فيه 599 وقتا.
كما شهد المسجد طيلة العام المذكور، اقتحام العشرات من جنود الاحتلال، إضافة إلى قيام رئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو يرافقه عدد من وزرائه باقتحامه، وهو أمر أدى إلى زيادة الاقتحامات والانتهاكات للمسجد، وتجرؤ المستوطنين على نصب "شمعدان" كبير على سطح الحرم الابراهيمي.
ـــــ