غزة 8-5-2023 وفا- تتجوّل إسلام أبو طعيمة في أسواق مدينة غزة، بحثًا عن قصاصات من الورق المقوى "الكرتون" لتعيد تدويرها في صناعة الألعاب وبيعها لاحقا، سعياً للحصول على مصدر رزق يعينها في إعالة أسرتها الفقيرة.
مثلها مثل الكثير من أهالي قطاع غزة، تبحث عن أفكار جديدة غير مكلفة لتعويض نقص فرص العمل والحصول على مصدر دخل.
وتبدو فرص العمل في قطاع غزة، الذي تحاصره إسرائيل برا وبحرا وجوا منذ عقد ونصف، شحيحة جدا، ووصلت نسبة البطالة إلى نحو 45%.
درست أبو طعيمة (39 عاما) الأدب الإنجليزي، لكن ذلك لم يفتح لها باباً للحصول على وظيفة. وهي متزوجة وأم لخمسة أبناء، بينما زوجها مريض وعاطل عن العمل، ويشاركها في حرفة صناعة الألعاب من الكرتون.
في منزلها الصغير في مخيم الشاطئ حيث لا ماء ولا كهرباء ولا أدوات مطبخ، تقول أبو طعيمة: أي شيء نحلم بامتلاكه نصنعه بأنفسنا من الكرتون، لا يوجد لدينا بيت، فنصنع بيتاً من الكرتون، "صنعت فيلا لأنني أحلم بامتلاكها".
وتضيف: "فكّر زوجي بصناعة طائرة قديمة وسيارات مكشوفة شبيهة بتلك التي يركبها المشاهير، حتى يخرج من حالة الاكتئاب لديه".
ويقول زوجها محمد أبو طعيمة: "في البداية صنعتُ أول خزانة للأطفال، الكرتون مادة جميلة تستطيع عمل أي شيء منها"، ثم صنع مجموعة من الفوانيس لتزيين منزله وأخرى لبيعها في شهر رمضان، موضحاً أن "بعض الأعمال تحتاج إلى يوم كامل، مثل مبنى سكني بإضافة الإضاءة".
على رصيف عند زاوية الشارع التجاري وسط حي الرمال الراقي غرب مدينة غزة، تجلس إسلام لتبيع أشغالها اليدوية للمارة بمبلغ لا يتعدّى خمسة أو عشرة شواقل (الدولار يساوي 3.6 شيقل) للقطعة الواحدة.
لكن حتى لو باعت كل بضاعتها، لن تحقّق ربحا بأكثر من 450 شيقلا (120 دولاراً)، وهو المبلغ الذي تحتاجه لدفع إيجار منزلها الشهري.
صابون أوليفييرا
في دير البلح في وسط قطاع غزة، حوّل الزوجان آلاء وسلامة بدوان سطح منزلهما المطلّ على شاطئ البحر، إلى مشتل لزراعة زهرة صبار الأوليفيرا يستخرجان منها المادة الهلامية لاستخدامها في صناعة الصابون الطبيعي وبيعه في السوق المحلية.
وتطمح آلاء بدوان إلى توسيع مشروعها ليصل إلى أسواق الضفة الغربية ودول عربية، وأن يصبح صابون الأوليفييرا الطبيعي في غزة، ماركة مسجلة مثل الصابون النابلسي، الذي يصنع في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية من زيت الزيتون.
وتقول: "لا أضيف أية ألوان أو عطور، وإن احتجت إلى لون أستخدم المواد الطبيعية مثل قشر البرتقال".
أما زوجها سلامة فيقول "نحن الأوائل في القطاع"، موضحا في الوقت نفسه أن العائد المادي الذي يجنياه غير كافٍ ولا يغطي تكاليف الإنتاج.
وتشير آلاء إلى "الإقبال المتزايد" للمواطنين على شراء الصابون الطبيعي الذي تبيعه عبر حسابات على كل من "فيسبوك" و"إنستغرام".
"هامبرغر" غزي
بعد فقدانها الأمل في الحصول على وظيفة بقطاع غزة، انتقلت أماني شعث الحاصلة على شهادة البكالوريوس في المحاسبة، إلى تركيا وعملت لأربع سنوات في عدد من المطاعم، قبل أن تعود إلى وطنها لتساعد عائلتها.
أسّست الفتاة البالغة من العمر 25 عاما وتسكن خان يونس جنوب قطاع غزة، كشكاً تحضّر فيه شطيرة "الهامبرغر" على رصيف كورنيش مدينة غزة، وأطلقت عليه اسم "سلطع برغر".
واختارت شعث الكورنيش نقطة لعملها، كون البحر يشكّل المتنفس الوحيد لأهالي القطاع.
وإلى جانب الهامبرغر الذي تبيع الشطيرة الواحدة منه بـ 15 شيقلا (نحو 4 دولارات)، تحضّر شعث في الكشك، خمسة أصناف من الوجبات السريعة.
وتقول: "في أول يوم فتحت الكشك، صار الناس يأتون وينظرون باستغراب، أصابني ذهول وخوف من فشل المشروع". لكنها تستدرك:"بدأ الناس يأتون لتجربة البرغر، وتفاجأت من ردود فعلهم، وشيئاً فشيئاً أصبحوا يشجعونني، خصوصا أنني فتاة".
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغ معدل البطالة بين الأفراد المشاركين في القوى العاملة في قطاع غزة، 45%.