الرئيسية قصص مصورة
تاريخ النشر: 02/05/2023 10:53 ص

ذكريات النكبة تجدّد حلم العودة

غزة 2-5-2023 وفا- من منزلها المتواضع في قطاع غزة المحاصر، تتذكّر أمينة الدبعي العالم المختلف تمامًا الذي نشأت فيه قبل أكثر من سبعة عقود.

ولدت الدبعي في مدينة اللد عام 1934، وكانت لا تزال طفلة عند النكبة وإنشاء دولة إسرائيل في 14 أيار/ مايو 1948.

وهي الآن واحدة من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا، وفقًا للأمم المتحدة. هم أحفاد أكثر من 760.000 فلسطيني شُرّدوا وطُردوا من منازلهم قبل 75 عامًا.

في ذكرى النكبة، يتحدث لاجئون فلسطينيون في الثمانينيات والتسعينيات من العمر، كانوا قد تم تهجيرهم خلال النكبة إلى قطاع غزة.

تستذكر دبعي اليوم الذي وصل فيه "جنود يهود متنكرون" إلى مسقط رأسها في اللد، ولأن وجوههم كانت مغطاة بالكوفية، اعتقد الأهالي أنها تعزيزات أردنية.

كان الناس سعداء للغاية لأنهم "هرعوا إلى النافورة" وسط مدينة اللد للاحتفال، لكن بعد أن أدركوا أن الجنود كانوا يهودًا، فروا إلى المسجد ومنازلهم.

اقتحم المقاتلون اليهود المسجد وقتلوا من بداخله. "كنت صغيرة ورأيت ذلك بأمّ عيني"، تؤكد الدبعي.

تتذكر الدبعي الأطفال الذين يلعبون على الأراجيح والسوق المركزي والنافورة الكبيرة التي كانت محاطة بالمحلات التجارية، لكنها تشعر بالمرارة حيال ما خسرته: "كنّا ضعفاء ولم يكن لدينا أسلحة قوية".

في اليوم التالي لوصول الجنود المتنكرين، عادوا بأوامر: غادروا اللد، وإلا سنقتلكم.

فرّت أسرة الدبعي سيرًا على الأقدام لعدة أيام حتى وصلت إلى بلدة بير زيت قرب رام الله وسط الضفة الغربية، ثم تقدمت باتجاه مصر. لكن الرحلة كانت باهظة الثمن، لذا استقرت الأسرة في غزة بدلاً من ذلك.

مثل الكثيرين، كانوا على يقين أنهم سيعودون قريبًا.

فقط بعد اتفاق أوسلو، الذي أسس السلطة الوطنية الفلسطينية في التسعينيات، تمكنت دبعي من الحصول على تصريح لزيارة حيها القديم في اللد.

وقالت "وضعت يدي على جدار منزلنا وقلت: حبيبي بيت جدي دمّر، وبيوت جيراننا يسكنها يهود".

وقالت إنها لن تقبل أي تعويض عن المنزل، ولم تعد تتوقع العودة، لكنها أصرّت على أن "الأجيال القادمة ستحرر البلاد وتعود".

وأضافت بصوت متكسر "لم يكن أحد يصوّر المجازر، كما هو الحال اليوم".

ولدت أم جبر وشاح عام 1932 في قرية بيت عفّا قرب مدينة عسقلان. بعد عقود، تروي التسعينية من منزلها في مخيم البريج وسط قطاع غزة، كيف جاء اليهود لأول مرة إلى القرية وعملوا معاً دون مشاكل وبأمان، لكن التعايش لم يدم طويلا.

تتذكر اليوم الذي تحطم في أيار/ مايو 1948. قالت وهي تقاوم الدموع: "كنت أخبز الخبز، وقد أحاطوا بالقرية".

واضافت: بدأوا بمحاصرة القرية من الجهة الشرقية، واختبأنا من إطلاق النار حتى اليوم التالي.

وقالت: "تم تقييد الرجال ثم أسروا، وكان الأطفال يصرخون".

كما هو الحال في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة، استبدلت البريج منذ فترة طويلة الخيام المؤقتة بمبانِ من الطوب والخشب. لكن العديد من النازحين ما زالوا يعيشون في فقر.

وقالت أم جبر، وهي تتكئ على عصا، إن منزلها في البريج لا يعني شيئاً. "حتى لو أعطوني قطاع غزة كله مقابل وطني، فلن أقبل بذلك. قريتي هي بيت عفا".

ابتهاج دولة، من مدينة يافا الساحلية، تتذكر أيضًا العيش جنبًا إلى جنب مع اليهود قبل اغتصاب فلسطين وإقامة دولتهم.

وقالت المسنة البالغة من العمر 88 عامًا، إنها ذات يوم عادت من المدرسة إلى المنزل، فوجدت عائلتها تحزم أمتعتها وتستعد للفرار.

استقلوا قاربًا متجهًا إلى مصر. كانت لا تزال ترتدي الزي المدرسي.

قالت وهي تتلاعب بأربعة مفاتيح بجانب سريرها في مخيم الشاطئ للاجئين في غزة: "أعرف يافا بوصة بوصة".

بعد اتفاق أوسلو وجدت فرصة للعودة إلى يافا، حيث اكتشفت أن امرأة يهودية تعيش في منزلها.

قالت: "شربنا الشاي معًا وبدأت في البكاء"، مدركةً أن المرأة لم تكن مهتمة بمصير أصحاب البيت السابقين.

اعتقد الكثير من الذين هجّروا أنه سيكون مجرد نزوح مؤقت. أغلقوا أبوابهم الأمامية وأخذوا معهم مفاتيح معدنية كبيرة.

أصبحت هذه المفاتيح اليوم رمزًا لنكبتهم ومطالبتهم بحق العودة. في العديد من المنازل، يتم الاحتفاظ بهذه المفاتيح بأمان في صندوق مغلق أسفل السرير، أو يتم تخليدها في الرسومات والتطريز.

حسن الكيلاني، المولود عام 1934 في قرية البرير شمال قطاع غزة، أكد أنه لن يقبل التعويض إلا إذا كان هناك اتفاق سياسي.

الكيلاني، عامل بناء سابق، رسم مخططًا لبرير، مشيرًا إلى اسم كل عائلة، وقطعة أرض. الرسم معلّق الآن على جدار غرفة معيشته، وهو تذكير دائم بالقرية التي نشأ فيها.

وقال: "كل من بقي في البلاد قتل.. حتى الماشية والجمال والأبقار".

على جدار آخر من غرفة المعيشة، عُلِّق مفتاح، يرمز إلى الرغبة في العودة.

 


مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا