الرئيسية قصص مصورة
تاريخ النشر: 19/09/2022 10:39 ص

حدائق معلقة تواجه شحّ المياه في تونس

دجبة (تونس) 19-9-2022 وفا- في بلدة دْجِبَّة الجبليّة شمال غرب تونس، تنتشر آلاف أشجار التين في "حدائق معلّقة"، مدرجة ضمن نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية، وتعد نموذجا قادرا على الصمود في ظل شحّ المياه الذي تعانيه المنطقة.

بفضل "نظامها الزراعي الفريد"، وفق وصف منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، تحافظ دجبّة على خضرتها رغم تضاؤل سقوط الأمطار وارتفاع درجات الحرارة.

وكان تموز/ يوليو 2022 الأشد حرارة في تونس منذ العام 1950، ولم تتجاوز نسبة امتلاء سدود البلاد 34 بالمئة في نهاية آب/ أغسطس، وفق معطيات وزارة الزراعة.

في أعلى الجبل حيث يقام "مهرجان التين" السنوي في تموز/ يوليو، تشرح الناشطة المحليّة فريدة دجبّي (65 عاماً) ثراء الحدائق التي تتضمن التين وإلى جانبه أشجار أخرى مثل السفرجل والزيتون والرمان، وتزرع تحتها مجموعة واسعة من الخضراوات والبقوليات.

وتسقى الحدائق بالماء الذي يتدفق من منابع في أعلى الجبل إلى قنوات تقليدية تمتد عبر المزارع، ويتداول المزارعون الريّ عبر فتح القنوات وغلقها لساعات محدّدة، بموجب نظام تقاسم يقوم على حجم كل حديقة وعدد أشجارها.

في المنحدرات، توجد "الحدائق المعلقة" المثبّتة بمدرجات تشكّلت طبيعيا أو بناها المزارعون من الأحجار الجافة، وهي تفصل بين الحدائق وتعد "مثالاً على الزراعة الحرجية المبتكرة"، وفق تقرير للفاو صدر إثر إدراجها المنطقة على لائحتها.

وتشير دجبي إلى نبعي ماء في أعلى الجبل يفصل بينهما مجرى يحمل الأمطار شتاء بين الحدائق وصولا إلى بحيرة جبليّة تتراءى في الأفق، وتوضح أن نبعا يتدفق من شرق المنطقة والثاني غربها لسقاية نحو 25 ألف شجرة تين (أو كرموس في اللهجات المغاربيّة) تمتد على مساحة نحو 900 هكتار تمتد من مرتفعات "جبل القُرَّاعة" إلى سفحه شديد الانحدار.

لكن المنطقة ليست بمنأى كليا عن الظروف المناخية، إذ يشير الناشط المحلي توفيق الراجحي (60 عاما) إلى انحسار منسوب المياه المتدفقة من خمسة ينابيع جبليّة في الأعوام الأخيرة، ما يشكل تهديدا للنظام الزراعي.

ويوضح الراجحي أن شحّ المياه لا يهدد المنطقة العليا القريبة من منابع الماء، بل الحدائق التي تقع أسفل المرتفعات، والتي تبدو الأغصان على بعض أشجارها مصفرّة.

ويرى الأستاذ في مدرسة محليّة أن ذلك يعود أساسا إلى "تغيّر المناخ وضعف تساقط الأمطار"، لكنه يرجعه أيضا إلى النزوع نحو الزراعة التجارية عبر تكثيف غرس التين على حساب أصناف أخرى أقل استهلاكا للماء، "بسبب ارتفاع مردوده المالي في الأعوام الأخيرة".

وتقول الطالبة الجامعية شيماء الراجحي (20 عاما) إن التين أكثر من مجرد فاكهة في دجبّة، إذ "نولد هنا بين أشجار التين ونكبر معها، ونتعلم الاعتناء بها منذ الصغر".

وتسعى فريدة دجبّي من جهتها، إلى "تثمين الممارسات التقليدية" التي راكمتها نساء المنطقة في تحويل المنتجات الزراعية. وتعمل الناشطة مع عشر نساء أخريات في تعاونية "كنوز دجبّة"، التي توحّد جهودهن في تقطير الزهور البريّة وتجفيف التين وصناعة المربى منه ومن التوت البري.

وتؤكد أن منتجاتهن المحليّة التي تعلمن صناعتها من أمهاتهن وجداتهن، تلقى رواجا متزايدا لجودتها.

ويؤكد المزارع لطفي الزرماني (52 عاما) أن تين دجبّة الطازج يلقى طلبا متزايدا داخل تونس وخارجها. ويقول إن بلدته تنتج أكثر من 13 صنفا من التين ويُصدّر إلى قطر والسعودية وعُمان إضافة إلى ليبيا، وخصوصا صنف "البوحولي" البنفسجي المخطّط بالأخضر، لأن مردوده أعلى ويثمر مرتين بين حزيران/ يونيو ومنتصف أيلول/ سبتمبر.


مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا