بيت لحم 16-6-2025 وفا- أصدر مركز التعليم البيئي، التابع للكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، اليوم الاثنين، نشرة تعريفية لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، المنبثق عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.
وشملت النشرة معطيات عالمية وفلسطينية حول المناسبة، التي تتزامن مع صيف قاسٍ على الفلسطينيين، في ضوء الشح المائي، وعقب موسم مطري ضعيف، فضلا عن نهب الاحتلال لأكثر من 85% من المصادر المائية الفلسطينية.
"استصلحوا الأرض"
وأوردت شعار العام الحالي للمناسبة التي ترعاها الأمم المتحدة (استصلحوا الأرض، وأطلقوا العنان للفرص)، الذي يكرّس كيفية استعادة الأرض، والذي من شأنه توفير فرص عمل، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي، ودعم العمل المناخي، والمساهمة في ترسيخ القدرة الاقتصادية على الصمود.
وأكدت النشرة أن الأرض السليمة هي النواة الصلبة للاقتصاديات المزدهرة، في وقت يعتمد أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي على موارد الطبيعة.
ونقلت عن الأمم المتحدة مخاطر مواصلة استنزاف الأرض، فكل دقيقة تمضي تشهد فقدان ما يعادل أربعة ملاعب كرة قدم من الأراضي بفعل التدهور، الذي يقود إلى فقدان التنوع الحيوي، ويُضاعف خطر الجفاف، ويُجبر مجتمعات بأسرها على النزوح القسري، بينما ينعكس سلبًا على ارتفاع أسعار الأغذية، والاضطراب، وتزايد موجات الهجرة.
وربطت النشرة بين التغير المناخي والتصحر والجفاف، وأوضحت أن التصحر مسألة عالمية لها تداعيات خطيرة على التنوع الحيوي، والسلامة البيئية، والقضاء على الفقر، والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، والتنمية المستدامة، بينما تشمل تأثيرات التغير المناخي بشكل أساسي زيادة الجفاف وتطرف درجات الحرارة، وتذبذب هطول الأمطار.
تدهور عالمي
وأكدت النشرة، أن التصحر وتدهور الأراضي والجفاف من "أشد التحديات البيئية إلحاحًا في زمننا"، وقد طال التدهور ما يصل إلى 40% من مساحة اليابسة في العالم، حسب بيانات الأمم المتحدة.
وأشارت إلى "عقد الأمم المتحدة لاستعادة النُظم الإيكولوجية (2021–2030)"، الذي يوضح أنه إذا استمرت الاتجاهات الراهنة، فسوف نحتاج بحلول 2030 إلى استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي (الهكتار الواحد يوازي 10 دونمات)، وتهيئة اقتصاد ترميم تُقدّر قيمته بتريليون دولار.
ونقلت النشرة عن الأمم المتحدة أن كل دولار واحد يُستثمر في استعادة الأراضي قد يُدرّ عائدًا يصل إلى 30 دولارًا، بينما تمثل الزراعة في بلدان كثيرة تعاني التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، نسبة كبيرة من الإيرادات الاقتصادية، ويمكن للزراعة الحافظة أن تخفض احتياجات المحاصيل من المياه بنسبة تصل إلى 30% أثناء فترات الجفاف.
85% من الأرض الفلسطينية مسلوبة
وأوضحت النشرة أن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على أكثر من 85% من الأرض في فلسطين التاريخية ويسعى إلى المزيد، بالرغم من أن الإسرائيليين خلال عهد الانتداب البريطاني وحتى 1947 استغلوا فقط 1,682 كيلومترًا مربعًا، شكلت 6.2% من أرض فلسطين التاريخية، فإن الاحتلال لا يزال يفرض سيطرته على المزيد من أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية، تحت ذرائع ومسميات مختلفة، حيث استولى خلال عام 2024 على أكثر من 46,000 دونم.
واقتبست النشرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أنه خلال 2024 تم إصدار 35 أمراً بوضع اليد على حوالي 1,073 دونماً، وخمسة أوامر استملاك لحوالي 803 دونمات، و9 أوامر إعلان أراضي دولة لحوالي 24,597 دونماً، إضافة إلى 6 أوامر تعديل حدود محميات طبيعية، استولى الاحتلال من خلالها على حوالي 20,000 دونم.
وأضافت أن الاحتلال دمر 330 ألف وحدة سكنية، تشكّل أكثر من 70% من الوحدات السكنية في قطاع غزة، إضافة إلى تدمير المدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد والكنائس والمقرات الحكومية، وآلاف المباني من المنشآت الاقتصادية، وتدمير مناحي البنى التحتية كافة من شوارع وخطوط مياه وكهرباء، وخطوط الصرف الصحي، وتدمير الأراضي الزراعية، ليجعل من قطاع غزة مكاناً غير قابل للعيش.
551 موقعًا استعماريًا
وأوضحت النشرة، أن عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في نهاية عام 2024 في الضفة الغربية بلغ 551 موقعًا، تتوزع بواقع 151 مستعمرة، و256 بؤرة استعمارية، منها 29 بؤرة مأهولة تم اعتبارها أحياءً تابعة لمستعمرات قائمة، و144 موقعًا مصنفًا أخرى، وتشمل مناطق رعوية وصناعية وسياحية وخدمية ومعسكرات لجيش الاحتلال.
وشهد عام 2024 زيادة كبيرة في وتيرة بناء المستعمرات الإسرائيلية وتوسيعها، حيث صدّقت سلطات الاحتلال على العديد من المخططات الهيكلية الاستعمارية لبناء أكثر من 13 ألف وحدة استعمارية في جميع أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدس، من خلال الاستيلاء على حوالي 11,888 دونماً من أراضي المواطنين الفلسطينيين، وتشكّل نسبة المستعمرين إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية حوالي 23.4 مستعمرًا مقابل كل 100 فلسطيني، في حين بلغ أعلاها في محافظة القدس بحوالي 67.6 مستعمرًا مقابل كل 100 فلسطيني.
وقالت إن النصف الأول من عام 2025 شهد تصعيدًا في ممارسات الاحتلال، إذ أعلن وزيرا الجيش يسرائيل كاتس والمالية بتسلئيل سموتريتش رسميًا، موافقتهما على إقامة 22 مستعمرة جديدة في الضفة الغربية وعلى طول الحدود الفلسطينية الأردنية.
كما واصل الاحتلال سياسة هدم المنازل الفلسطينية بوتيرة عالية جدًا، وضاعف تضييق الخناق على المواطنين في الأغوار الشمالية، وهجّر تجمعات بدوية في محافظتي الخليل ورام الله.
دعوات عاجلة
وأطلق المركز دعوات عاجلة للجهات المختصة وللأفراد، إلى ضرورة تبني ممارسات وإجراءات تحافظ على ما تبقى من أرض زراعية خصبة وعالية القيمة، وتتفادى الزحف العمراني العشوائي، الذي ينذر بكارثة، ويُنهي كل فرصة ممكنة لتحقيق أي نوع من السيادة على الغذاء، وإجراءات عملية توقف أشكال التوسع العشوائي كافة في الأراضي الزراعية، وتشجّع التوجه نحو التوسع الرأسي في البناء.
وأوضح المركز أن الحديث عن استصلاح الأراضي الزراعية الجبلية والوعرة في ظل تصاعد تدمير الأرض الزراعية الخصبة والسهلية يجب أن يتوقف، وأن تُتخذ إجراءات عملية تمنع أي تدمير للأرض الخصبة.
وحث جهات الاختصاص والهيئات المحلية والمواطنين على تبني وسائل تدعم الاستخدام الأمثل للمياه في القطاعات كافة، وتوقف الهدر باتباع وسائل الري الذكي خاصة خلال الري التكميلي، والكف عن زراعة أصناف ومحاصيل تستهلك كميات وفيرة من المياه لا تجد في نهاية المطاف من يشتريها أو تباع بأثمان رخيصة، في وقت نعاني شح المياه للاستخدام المنزلي.
ودعا إلى تكثيف زراعة الأشجار الأصيلة لمواجهة الجفاف، وتفادي غرس الأشجار الدخيلة التي لا تناسب بيئتنا، أو تحتاج إلى كميات مياه كبيرة، واتخاذ تدابير تخفف وطأة التصحر والجفاف.
وأوضح أن غرس أشجار دخيلة يمكنه المساهمة في زيادة حرائق الغابات، كونها غير منسجمة مع محيطها، وتُعتبر تدخلًا في تشكيل تراث طبيعي وثقافي منزوع من سياقه التراثي الوطني وروابطه الاجتماعية الأصيلة.
واختتمت الورقة بدعوة وسائل الإعلام إلى أن تكون شريكًا دائمًا في التوعية والتحذير من استنزاف الأراضي والمياه، التي تعاني كثيرًا بفعل نهب الاحتلال لها، وينبغي ألا تساهم تعديات المجتمع وقراراته في تدمير الحيز الضئيل المتبقي منها أو سوء استخدامه.
-
ع.ش/ع.ف