بيت لحم 7-12-2025 وفا- عنان شحادة
بعد عامين ثقيلين خيّم خلالهما وجع الحرب على غزة وأطفأ الكثير من مظاهر الفرح، استعادت ساحة المهد في بيت لحم نبضها من جديد. فمع حلول مساء السابع من كانون الأول، نهضت شجرة الميلاد كأنها قطعة ضوء تشقّ طريقها وسط الركام، لتعلن بإصرار أن الحياة لا تزال ممكنة مهما طال الليل.
كانت الساحة تعجّ بالناس؛ أكثر من 12 ألف زائر وسائح وحاجّ ومواطن توافدوا ليشهدوا لحظة الإضاءة، لا كطقس احتفالي فحسب، بل كفعل مقاومة للألم، وتذكير بأن الفرح حقّ لا يُلغيه القهر. وفي تلك اللحظة التي انطلقت فيها الأضواء، بدا أن المدينة كلّها تتنفس راحة طال انتظارها.
الشجرة التي ارتفعت هذا العام إلى 22 مترًا بقطر بلغ 10 أمتار، بدت أكثر شموخًا من أي وقت مضى، متجاوزةً سابقتها التي لم يتجاوز ارتفاعها 17.5 مترًا. وكأنها تكبر كلما اشتدت المحنة.
رئيس بلدية بيت لحم، ماهر قنواتي، وصف المشهد بأنه رسالة حياة، قائلاً إن عودة البهجة إلى المهد هي إعلان واضح بأن الأمل لا يموت، وأن الفلسطينيين قادرون على استعادة نورهم مهما حاول الظلام أن يبتلعهم. وأشار إلى أن نحو 70% من فنادق المدينة امتلأت بالنزلاء في ليلة الإضاءة، رغم كل العراقيل التي يفرضها الاحتلال، في دليل على ثبات المدينة وتمسكها بدورها الروحي والإنساني.

في أرجاء الساحة، اختلطت الضحكات بأصوات الأجراس، وزُيّنت الواجهات كما لو أنها تحاول اللحاق ببريق الشجرة.
لَرينا عبد الله من بيت جالا حضرت مع عائلتها، وكانت ابتسامتها أوسع من ضوء الفوانيس، وقالت: "عامان من الغياب كانا ثقيلين، اليوم نرسل رسالة واضحة: من حقّنا أن نفرح وأن نعيش مثل كل شعوب الأرض."
من بين الحشود، جاء صوت آخر من الناصرة، صوت عبد الله زايد، الذي أكد أن الأمل هو المعركة التي لا خيار فيها: "الجرح لم يلتئم بعد، لكننا نبقى مؤمنين بالسلام وبقدرتنا على الحياة."
أما رجل الدين فادي يعقوب أبو سعدى، خوري طائفة الروم الكاثوليك من القدس، فرأى أن إضاءة الشجرة هذا العام ليست مجرد احتفال، بل فعل إيمان وصمود: "نور الميلاد تحدٍّ لظلمة الاحتلال، وفي هذا النور يتجدد الرجاء مهما طال الجرح."
وعلى وقع الموسيقى ورائحة الكعك الساخن، بدت بيت لحم هذا المساء كأنها تستعيد نفسها، مدينة صغيرة لكنها تقف في وجه العتمة بكبرياء، محافظةً على وعد الميلاد الأبدي: أنّ النور ينتصر دائمًا، ولو بعد حين.

—
ع.ش/ ف.ع


