رام الله 25-11-2025 وفا- يامن نوباني
"قلبه شغال، قلبه بدق" بهذه الكلمات، صرخت والدة الشهيد براء معالي وشقيقته، فوق جسده الممدد على سرير المستشفى "شهيد".
استُشهد براء، وهو طالب في كلية الحقوق والإدارة العامة بجامعة بيرزيت، بعد أن أطلق مستعمرون الرصاص الحي على شبان تصدوا لهجوم المستعمرين عند أطراف القرية، ليكون بذلك الشهيد الثالث في غضون ثلاثة أشهر، إذ استُشهد في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي الشاب جهاد محمد عجاج (26 عاماً) برصاص المستعمرين، وسبقهما استشهاد الشاب محمد عيسى أحمد علوي (21 عاماً) برصاص المستعمرين في 13 سبتمبر/أيلول الماضي، وثلاثتهم استُشهدوا برصاص المستعمرين، بالطريقة ذاتها، والمكان ذاته.
وبراء معالي، هو الشهيد السادس في قرية دير جرير، في الأعوام الثلاثة الأخيرة، فبالإضافة إلى الشهداء الثلاثة في الأشهر الثلاثة الأخيرة، استُشهد كل من: قيس عماد خالد شجاعية في 14 أكتوبر 2022، ورندة عبد الله عبد العزيز عجاج في 12 أكتوبر 2023، وعبد العزيز يوسف أبو صالحة في 3 أكتوبر 2024.
تؤجل جنازة براء، إلى حين وصول شقيقه المغترب في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي أصر على وداعه قاطعاً آلاف الكيلومترات، وهو يفكر في لقاء شقيقه، لكن "شهيداً"، وأهل بيته، لكن "فاقدين".
تشهد دير جرير كما باقي الوطن، وكما باقي محافظة رام الله والبيرة وبشكل خاص ريفها الشرقي والشمالي، هجمة المستعمرين العنيفة، إذ يهاجمون البلدات والقرى ويطلقون الرصاص الحي تجاه المواطنين، ويحرقون المنازل والممتلكات ويخربون الزرع ويقتلعون الأشجار ويشقون الطرق الاستعمارية ويسممون المواشي ويمنعون المزارعين من الوصول إلى أراضيهم.
رئيس المجلس القروي في دير جرير فتحي حمدان، قال في اتصال هاتفي مع "وفا": تتعرض قريتنا منذ ما قبل الـ7 من تشرين الأول/ أكتوبر لهجمة استعمارية شرسة، تهدف إلى القتل والتهجير والاستيلاء على الأرض والشجر والتضييق على الأهالي وترويعهم، وقد قدمنا الشهداء والجرحى والمعتقلين والمبعدين.
وبين، تُعتبر دير جرير واحدة من أسخن نقاط التماس في الاحتكاك مع المستعمرين، الذين يستهدفونها بشكل متواصل، عبر ما يطلق عليهم "فتية التلال"، الذين يقودون هجمات منظمة على القرية والأهالي وممتلكاتهم.
وأضاف: شيء لا يُستوعب، كمية الاستيلاء على الأرض في دير جرير، التي ينهشها الاستعمار، إذ تقدر أراضي القرية التي تم الاستيلاء عليها بما يقارب الـ(20) ألف دونم. بينما مساحة القرية الكلية هي (33) ألفا.
وقال: يعد شرق القرية الأكثر استهدافاً، لطبيعة امتداد الأرض واتصالها بالأغوار، حيث تصل أراضيه إلى حدود قرية العوجا في أريحا، وعلى امتداد هذه المسافة الطويلة، يُمنع علينا الوصول إلى أراضينا.
وأردف حمدان: يهاجم المستعمرون قريتنا من خلال بؤرة استعمارية أقاموها على "تل العاصور" وهي لا تبعد 100 متر هوائي عن البيوت، يأتونها عبر "التراكتورونات" من مستعمرة عوفرا، ونعتقد أنهم أنشأوا مدرسة دينية قرب معسكر الجيش المقام منذ زمن طويل على تل العاصور، والذي يبعد مسافة كيلومتر عن القرية.
وبين، في الأشهر الأخيرة شق المستعمرون طريقاً استعماريا على تل العاصور، فباتت القرية مسرحاً لهجماتهم، من إطلاق الرصاص والقتل، إلى قطع الأشجار وتجريف الأراضي والاستيلاء عليها، وسرقة المواشي والمعدات الزراعية وغيرها من الانتهاكات.
وعن شهداء القرية، وآخرهم براء معالي، قال حمدان: بين فترة وأخرى يهاجم المستعمرون أطراف القرية، ويقتربون من البيوت، ما يدفع المواطنين والشبان إلى التجمهر والتصدي لهم، وكان آخرهم براء الذي استُشهد خلال وجوده مع مجموعة من أهالي القرية خلال هجوم للمستعمرين، الذين يصلون إلى القرية بحماية جنود الاحتلال، ويبدأون بإطلاق الرصاص الحي تجاه الأهالي.
يُشار إلى أن أكثر من 20 شاباً استُشهدوا منذ بداية العام الجاري برصاص الاحتلال ومستعمريه، في محافظة رام الله والبيرة، أكثر من نصفهم استُشهدوا برصاص المستعمرين، وتركز الشهداء في البلدات والقرى الشرقية والشمالية، والشمالية الشرقية من المحافظة. وتوزعوا على بلدات وقرى: كفر مالك، ودير جرير، والمزرعة الشرقية، والمغير، وسلواد، ودير دبوان.
يذكر أن محافظة رام الله والبيرة، سجلت أكبر عدد من اعتداءات المستعمرين وجنود الاحتلال في الآونة الأخيرة، فقد رصدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان تسجيل محافظة رام الله والبيرة (5420) اعتداءً من المستعمرين، من بين (2530) اعتداءً في محافظات الضفة الغربية في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
كما سُجل (416) اعتداءً في شهر سبتمبر/أيلول من أصل (2215) اعتداءً تعرضت له محافظات الضفة، فيما سجل شهر آب (321) اعتداءً في محافظة رام الله والبيرة من مجموع (1613) في محافظات الضفة، كما سجل شهر تموز (302) اعتداء في رام الله والبيرة، من مجموع (1821) في محافظات الضفة، كما سجل شهر أيار (283) اعتداءً من أصل (1691) في محافظات الضفة، فيما شهد شهر نيسان (269) اعتداءً من أصل (1693) في الضفة، كما سجل شهر آذار (269) اعتداءً من مجموع (1604) اعتداءات في الضفة، أما شهر شباط فسجل (263) اعتداءً من مجموع (1705) في الضفة، فيما سجل شهر كانون الثاني (342) اعتداءً من أصل (2161) في مختلف محافظات الضفة.
_
إ.ر


